الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3161 حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه قال فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض فذلك قول الله إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا وإذا أبغض الله عبدا نادى جبريل إني أبغضت فلانا فينادي في السماء ثم تنزل له البغضاء في الأرض قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روى عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا عبد العزيز بن محمد ) هو الدراوردي .

                                                                                                          [ ص: 483 ] قوله : ( إذا أحب الله عبدا نادى جبرئيل ) بالنصب على المفعولية ( إني قد أحببت فلانا فأحبه ) بفتح الموحدة المشددة ، أمر من الإحباب ، أي أحبه أنت أيضا .

                                                                                                          قال النووي : قال العلماء : محبة الله تعالى لعبده هي إرادته الخير له وهدايته وإنعامه عليه ورحمته وبغضه إرادة عقابه أو شقاوته ، ونحوه ، وحب جبرئيل والملائكة يحتمل وجهين . أحدهما : استغفارهم له وثناؤهم عليه ودعاؤهم ، والثاني : أن محبتهم على ظاهرها المعروف من المخلوقين وهو ميل القلب إليه واشتياق إلى لقائه وسبب حبهم إياه كونه مطيعا لله تعالى محبوبا له . انتهى .

                                                                                                          وقال الحافظ : وقع في بعض طرق الحديث بيان سبب هذه المحبة والمراد بها ، ففي حديث ثوبان أن العبد ليلتمس مرضاة الله تعالى ، فلا يزال كذلك حتى يقول : يا جبريل إن عبدي فلانا يلتمس أن يرضيني ألا وإن رحمتي غلبت عليه . الحديث ، أخرجه أحمد والطبراني ، ويشهد له حديث أبي هريرة الآتي في الرقاق ، ففيه : ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه . الحديث . انتهى ( قال ) أي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( فينادي ) أي جبرئيل ( في السماء ) في حديث ثوبان : أهل السماوات السبع ، وفي رواية للشيخين : فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ( ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض ) وفي رواية للشيخين ثم يوضع له القبول في الأرض .

                                                                                                          قال النووي . أي الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه تميل إليه القلوب وترضى عنه ( فذلك قول الله إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .

                                                                                                          قال ابن كثير في تفسيره يخبر تعالى أنه يغرس لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات ، وهي الأعمال التي ترضي الله لمتابعتها الشريعة المحمدية يغرس لهم في قلوب عباده الصالحين محبة ومودة وهذا أمر لا بد منه ولا محيد عنه . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية