الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3205 حدثنا قتيبة حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن يحيى بن عبيد عن عطاء بن أبي رباح عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالت أم سلمة وأنا معهم يا نبي الله قال أنت على مكانك وأنت على خير قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني ) في التقريب محمد بن سليمان بن عبد الله الكوفي أبو علي بن الأصبهاني صدوق يخطئ ، من الثامنة ( عن يحيى بن عبيد عن عطاء بن أبي رباح ) قال في التقريب : يحيى بن عبيد عن عطاء بن أبي رباح يحتمل أن يكون الذي قبله وإلا فمجهول انتهى . والذي قبله هو يحيى بن عبيد المكي مولى بني مخزوم قال الحافظ : ثقة من السادسة . قوله : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس قيل هو الشك وقيل العذاب وقيل الإثم . قال الأزهري : الرجس اسم لكل مستقذر من عمل قاله النووي أهل البيت نصبه على النداء ويطهركم من الأرجاس والأدناس ( في بيت أم سلمة ) متعلق بنزلت ( فجللهم بكساء ) أي غطاهم به من التجليل ( فجلله بكساء ) أي آخر ( قالت أم سلمة : وأنا معهم يا نبي الله ؟ ) بتقدير حرف الاستفهام ( أنت على مكانك وأنت على خير ) يحتمل أن يكون معناه أنت خير وعلى مكانك من كونك من أهل بيتي ولا حاجة لك في الدخول تحت الكساء كأنه منعها عن ذلك لمكان علي وأن يكون المعنى أنت على خير وإن لم تكوني من أهل بيتي كذا في اللمعات قلت : الاحتمال الأول هو الراجح بل هو المتعين ، وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت المذكورين في الآية فقال ابن عباس ، وعكرمة ، وعطاء ، والكلبي ، ومقاتل ، وسعيد بن جبير : إن أهل البيت المذكورين في الآية هم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم خاصة قالوا : والمراد بالبيت بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومساكن زوجاته لقوله : واذكرن ما يتلى في بيوتكن ، وأيضا السياق في الزوجات من قوله : يا أيها النبي قل لأزواجك إلى قوله لطيفا خبيرا . وقال أبو سعيد الخدري ، ومجاهد ، وقتادة وروي عن الكلبي : أن أهل البيت المذكورين في الآية هم علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين خاصة . ومن حججهم الخطاب في الآية بما يصلح للذكور لا للإناث وهو قوله " عنكم " و " يطهركم " ولو كان للنساء خاصة لقال : عنكن وليطهركن ، وأجاب الأولون عن هذا بأن التذكير باعتبار لفظ الأهل كما قال سبحانه : أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت وكما يقول الرجل لصاحبه : كيف أهلك يريد زوجته أو زوجاته فيقول : هم بخير ، وتمسك الأولون أيضا بما أخرجه ابن أبي حاتم ، وابن عساكر من طريق [ ص: 49 ] عكرمة عن ابن عباس في الآية قال : نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة . وقال عكرمة : من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وروي هذا عنه بطرق . وتمسك الآخرون أيضا بحديث عمر بن أبي سلمة وحديث أنس المذكورين في الباب وما في معناهما ، وقد توسطت طائفة ثالثة بين الطائفتين فجعلت هذه الآية شاملة للزوجات ولعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، أما الزوجات فلكونهن المرادات في سياق هذه الآيات كما قدمنا ولكونهن الساكنات في بيوته صلى الله عليه وسلم النازلات في منازله ، ويعضد ذلك ما تقدم عن ابن عباس وغيره ، وأما دخول علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين فلكونهم قرابته وأهل بيته في النسب ، ويؤيد ذلك ما ورد من الأحاديث المصرحة بأنهم سبب النزول ، فمن جعل الآية خاصة بأحد الفريقين أعمل بعض ما يجب إعماله وأهمل ما لا يجوز إهماله ، وقد رجح هذا القول جماعة من المحققين منهم القرطبي ، وابن كثير ، وغيرهما . قوله : ( هذا حديث غريب ) وأخرجه ابن جرير ، والطبراني ، وابن مردويه .




                                                                                                          الخدمات العلمية