الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3313 حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي سعد الأزدي حدثنا زيد بن أرقم قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معنا أناس من الأعراب فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقونا إليه فسبق أعرابي أصحابه فيسبق الأعرابي فيملأ الحوض ويجعل حوله حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه قال فأتى رجل من الأنصار أعرابيا فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه فانتزع قباض الماء فرفع الأعرابي خشبته فضرب بها رأس الأنصاري فشجه فأتى عبد الله بن أبي رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه فغضب عبد الله بن أبي ثم قال لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله يعني الأعراب وكانوا يحضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام فقال عبد الله إذا انفضوا من عند محمد فأتوا محمدا بالطعام فليأكل هو ومن عنده ثم قال لأصحابه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال زيد وأنا ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعت عبد الله بن أبي فأخبرت عمي فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف وجحد قال فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني قال فجاء عمي إلي فقال ما أردت إلا أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبك والمسلمون قال فوقع علي من الهم ما لم يقع على أحد قال فبينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قد خفقت برأسي من الهم إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرك أذني وضحك في وجهي فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا ثم إن أبا بكر لحقني فقال ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت ما قال لي شيئا إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي فقال أبشر ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن السدي ) اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن ( عن أبي سعيد الأزدي ) ويقال له أبو [ ص: 152 ] سعد قال في التقريب أبو سعد الأزدي الكوفي قارئ الأزد ويقال أبو سعيد مقبول من الثالثة . قوله : ( فكنا نبتدر الماء ) أي نسارع إليه ( يسبقونا ) بتشديد النون ( فسبق أعرابي ) كذا في النسخ الحاضرة بصيغة الماضي ولا يستقيم المعنى إلا أن يكون بمعنى يسبق ( فيسبق الأعرابي فيملأ الحوض ) هذا بيان لما يصنعه الأعرابي السابق بعد سبقه إلى الماء ويجعل حوله ، أي حول الحوض ( ويجعل النطع عليه ) أي على الحوض ، والنطع بالكسر وبالفتح وبالتحريك وكعنب بساط من الأديم ( فأبى ) أي الأعرابي ( أن يدعه ) بفتح الدال أن يترك الأنصاري ( فانتزع قباض الماء ) بكسر القاف والمراد به الماء ويمسك من الحجارة وغيرها ، والمعنى أن الرجل الأنصاري الذي أرخى زمام ناقته لتشرب الماء في الحوض نزع الحجارة التي جعلها الأعرابي حول الحوض ليس بها الماء ( فرفع الأعرابي خشبة ) أي فغضب الأعرابي بانتزاع القباض فرفع إلخ ( بها ) أي بالخشبة ( فشجه ) من الشج وهو ضرب الرأس خاصة وجرحه وشقه من باب نصر وضرب ( فأتى ) أي الأنصاري المشجوج ( رأس المنافقين ) أي رئيسهم بدل من عبد الله ( وكان ) أي الأنصاري ( من أصحابه ) أي من أصحاب عبد الله بن أبي ( حتى ينفضوا من حوله ) يعني حتى يتفرق الأعراب ويذهبوا من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يعني الأعراب ) هذا بيان من الراوي للضمير في " ينفضوا " ( وكانوا ) أي الأعراب ( ثم قال ) أي عبد الله ( قال زيد ) أي ابن أرقم ( وأنا ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم ) الردف بكسر الراء وسكون الدال المهملتين هو الراكب خلف الراكب ( فسمعت عبد الله ) أي مقالته المذكورة ( فأخبرت عمي ) أي بما سمعت من عبد الله ( فانطلق [ ص: 153 ] فأخبر ) أي عمي ( فأرسل إليه ) أي إلى عبد الله ( قال فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني ) أي قال زيد بن أرقم : فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته فأرسل إلى عبد الله بن أبي فحلف وجحد فصدقه وكذبني كما في الرواية المتقدمة ( قد خفقت برأسي من الهم ) يقال خفق الرجل إذا حرك رأسه وهو ناعس والمعنى نكست من شدة الهم لا من النعاس ( فعرك أذني ) أي دلكها ( أن لي بها ) أي بضحكة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي ( الخلد في الدنيا ) بالنصب على أنه اسم أن ، وفي بعض النسخ الخلد في الجنة .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره بعد ذكر هذا الحديث : انفرد بإخراجه الترمذي وهكذا رواه الحافظ والبيهقي عن الحاكم عن عبيد الله بن موسى به وزاد بعد قوله سورة المنافقين : إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله حتى بلغ هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا - حتى بلغ - ليخرجن الأعز منها الأذل انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية