الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية النفخ في الصلاة

                                                                                                          381 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا عباد بن العوام أخبرنا ميمون أبو حمزة عن أبي صالح مولى طلحة عن أم سلمة قالت رأى النبي صلى الله عليه وسلم غلاما لنا يقال له أفلح إذا سجد نفخ فقال يا أفلح ترب وجهك قال أحمد بن منيع وكره عباد بن العوام النفخ في الصلاة وقال إن نفخ لم يقطع صلاته قال أحمد بن منيع وبه نأخذ قال أبو عيسى وروى بعضهم عن أبي حمزة هذا الحديث وقال مولى لنا يقال له رباح حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا حماد بن زيد عن ميمون أبي حمزة بهذا الإسناد نحوه وقال غلام لنا يقال له رباح قال أبو عيسى وحديث أم سلمة إسناده ليس بذاك وميمون أبو حمزة قد ضعفه بعض أهل العلم واختلف أهل العلم في النفخ في الصلاة فقال بعضهم إن نفخ في الصلاة استقبل الصلاة وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة وقال بعضهم يكره النفخ في الصلاة وإن نفخ في صلاته لم تفسد صلاته وهو قول أحمد وإسحق

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في كراهية النفخ في الصلاة ) النفخ إخراج الريح من الفم .

                                                                                                          قوله : ( أخبرنا ميمون أبو حمزة ) الأعور القصاب مشهور بكنيته ضعيف من السادسة كذا في التقريب ( عن أبي صالح مولى طلحة عن أم سلمة ) قال الذهبي في الميزان : هو مولاها واسمه ذكوان لا يعرف . وقاله المزي في التهذيب : اسمه زاذان ، وليس له في الكتاب إلا هذا الحديث عند المصنف كذا في قوت المغتذي . وقال الحافظ أبو صالح مولى طلحة أو أم سلمة مقبول من الثالثة يقال اسمه زاذان ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( إذا سجد نفخ ) أي في الأرض ليزول عنها التراب فيسجد ( ترب وجهك ) من التتريب أي أوصله إلى التراب وضعه عليه ولا تبعده عن موضع وجهك بالنفخ فإنه أقرب إلى التواضع ، فإن إلصاق التراب بالوجه الذي هو أفضل الأعضاء غاية التواضع .

                                                                                                          قوله : ( قال أحمد بن منيع وبه نأخذ ) وهو القول الراجح كما ستعرف .

                                                                                                          [ ص: 322 ] قوله : ( وحديث أم سلمة إسناده ليس بذاك ، وميمون أبو حمزة قد ضعفه بعض أهل العلم ) قال أحمد : متروك الحديث ، وقال الدارقطني : ضعيف ، وقال البخاري : ليس بالقوي عندهم ، وقال النسائي ليس بثقة . كذا في الميزان .

                                                                                                          قوله : ( فقال بعضهم إن نفخ في الصلاة استقبل الصلاة ) أي استأنف ( وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة ) واستدلوا بحديث الباب هو حديث ضعيف ، قال الحافظ في الفتح : ولو صح لم يكن فيه حجة على إبطال الصلاة بالنفخ ؛ لأنه لم يأمره بإعادة الصلاة وإنما استفاد من قوله ترب وجهك استحباب السجود على الأرض فهو نحو النهي عن مسح الحصى . قال وفي الباب عن أبي هريرة في الأوسط للطبراني ، وعن زيد بن ثابت عند البيهقي ، وعن أنس وبريدة عند البزار ، وأسانيد الجميع ضعيفة جدا . وثبت كراهة النفخ عن ابن عباس كما رواه ابن أبي شيبة ، والرخصة فيه عن قدامة بن عبد الله أخرجه البيهقي ، انتهى . واستدلوا أيضا بأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة وقالوا : إن النفخ كلام واحتجوا على كون النفخ كلاما بأثر ابن عباس رضي الله عنه قال : النفخ في الصلاة كلام ، رواه سعيد بن منصور في سننه ، وروى البيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عباس أنه كان يخشى أن يكون النفخ كلاما . واستدلوا أيضا بأحاديث تدل على كراهة النفخ في السجود ، فمنها ما رواه الطبراني في الكبير عن زيد بن ثابت قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في السجود وعن النفخ في الشراب ، ولا تقوم به حجة لأن في إسناده خالد بن إلياس وهو متروك : ومنها ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة مرفوعا أنه كره أن ينفخ بين يديه في الصلاة أو في شرابه . قال العراقي : وفي إسناده غير واحد متكلم فيه . ومنها ما رواه البزار في مسنده عن أنس بن مالك رفعه قال : ثلاثة من الجفاء : أن ينفخ الرجل في سجوده ، الحديث ، وفي إسناده خالد بن أيوب وهو ضعيف . وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها الشوكاني في النيل مع بيان ما فيها من الكلام ( وقال بعضهم يكره النفخ في الصلاة وإن نفخ في صلاته لم تفسد صلاته ، وهو قول أحمد وإسحاق ) واستدلوا بما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم نفخ في صلاة الكسوف ، وذكره البخاري تعليقا ، وأجابوا بمنع كون النفخ من الكلام لأن الكلام متركب من الحروف المعتمدة على المخارج ولا اعتماد في النفخ ، وأيضا الكلام المنهي عنه في الصلاة هو المكالمة ، قالوا : ولو سلم [ ص: 323 ] صدق اسم الكلام على النفخ كما قال ابن عباس لكان فعله صلى الله عليه وسلم لذلك في الصلاة مخصصا لعموم النهي عن الكلام كذا في النيل




                                                                                                          الخدمات العلمية