الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب في فضل مكة

                                                                                                          3925 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي ابن حمراء الزهري قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا على الحزورة فقال والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب صحيح وقد رواه يونس عن الزهري نحوه ورواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث الزهري عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي ابن حمراء عندي أصح [ ص: 294 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 294 ] قوله : ( أخبرنا الليث ) هو ابن سعد ( عن عقيل ) بضم العين ( عن أبي سلمة ) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن عبد الله بن عدي بن حمراء ) الزهري قيل : إنه ثقفي حالف بني زهرة صحابي له حديث في فضل مكة قاله الحافظ في التقريب . قوله : ( واقفا على الحزورة ) بالحاء المهملة والزاي ، قال الطيبي : على وزن القسورة موضع بمكة ، وبعضهم شددها ، والحزورة في الأصل بمعنى التل الصغير سميت بذلك لأنه كان هناك تل صغير ، وقيل : لأن وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد كان ولي أمر البيت بعد جرهم فبنى صرحا كان هناك وجعل فيها أمة يقال لها حزورة فسميت حزورة مكة بها . انتهى ( فقال ) أي : مخاطبا للكعبة وما حولها من حرمها " ولولا أني أخرجت منك " أي : بأمر من الله " ما خرجت " فيه دلالة على أنه لا ينبغي للمؤمن أن يخرج من مكة إلا أن يخرج منها حقيقة ، أو حكما وهو الضرورة الدينية ، أو الدنيوية ، قال القاري : وأما خبر الطبراني : المدينة خير من مكة فضعيف بل منكر واه كما قاله الذهبي ، وعلى تقدير صحته يكون محمولا على زمانه لكثرة الفوائد في حضرته وملازمة خدمته ؛ لأن شرف المدينة ليس بذاته بل بوجوده -عليه الصلاة والسلام - فيه ونزوله مع بركاته ، وأيضا نفس المدينة ليس أفضل من مكة اتفاقا إذ لا تضاعف فيه أصلا ، بل المضاعفة في المسجدين ، ففي الحديث الصحيح الذي قال الحفاظ على شرط الشيخين : صلاة في مسجدي هذا أفضل من الصلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمائة ألف صلاة وصح عن ابن عمر موقوفا وهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال مثله بالرأي : صلاة واحدة بالمسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة بمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- . انتهى . قوله : ( هذا حديث حسن غريب صحيح ) وأخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه ( وحديث [ ص: 295 ] الزهري عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن حمراء عندي أصح ) ؛ لأن الزهري أحفظ وأوثق من محمد بن عمرو ، ومحمد بن عمرو هذا هو ابن علقمة بن وقاص الليثي روى عن أبيه وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهما صدوق له أوهام . قلت : روى هذا الحديث أيضا الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ، ففي مسند أحمد حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحزورة فقال : علمت أنك خير أرض الله الحديث ، فالظاهر أن كلا الحديثين صحيحان وليس أحدهما أصح من الآخر .




                                                                                                          الخدمات العلمية