الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          466 حدثنا قتيبة حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نام عن وتره فليصل إذا أصبح قال أبو عيسى وهذا أصح من الحديث الأول قال أبو عيسى سمعت أبا داود السجزي يعني سليمان بن الأشعث يقول سألت أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فقال أخوه عبد الله لا بأس به قال وسمعت محمدا يذكر عن علي بن عبد الله أنه ضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال عبد الله بن زيد بن أسلم ثقة قال وقد ذهب بعض أهل العلم بالكوفة إلى هذا الحديث فقالوا يوتر الرجل إذا ذكر وإن كان بعد ما طلعت الشمس وبه يقول سفيان الثوري

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا عبد الله بن زيد بن أسلم ) صدوق فيه لين من السابعة قاله الحافظ ، وقال الخزرجي : وثقه أحمد والقزاز وضعفه ابن معين وابن عدي .

                                                                                                          قوله : ( من نام عن وتره فليصل إذا أصبح ) قال ابن الملك : أي فليقض الوتر بعد الصبح متى اتفق ، وإليه ذهب الشافعي في أظهر قوليه . وقال مالك وأحمد : لا يقضي الوتر بعد الصبح ، انتهى .

                                                                                                          قلت : مذهب الشافعي موافق لهذا الحديث وهو حجة على مالك وأحمد . فإن قلت : هذا الحديث مرسل والمرسل من أقسام الضعيف .

                                                                                                          قلت : قال ميرك نقلا عن التصحيح : وله شاهد من حديث أغر المدني عند الطبراني بإسناد جيد ، انتهى ، ويؤيده حديث أبي سعيد المذكور في الباب ، وإسناده عند أبي داود صحيح كما ستعرف .

                                                                                                          قوله : ( وهذا أصح من الحديث الأول ) يعني عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه مرسلا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري متصلا ، فإن عبد الرحمن بن زيد ضعيف ، وعبد الله بن زيد ثقة عند أحمد وابن المديني ، لكن حديث أبي سعيد هذا قد رواه أبو داود من طريق أخرى . قال في النيل : وإسناد الطريق التي أخرجه منها أبو داود صحيح كما قال العراقي .

                                                                                                          قوله : ( سمعت أبا داود السجزي ) بسين مكسورة وغيرها وسكون جيم وبزاي نسبة إلى سجز واسم لسجستان وقيل نسبة إلى سجستان بغير قياس كذا في المغني ، وأبو داود هذا هو صاحب السنن واسمه سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد الأزدي السجستاني [ ص: 466 ] ( وسمعت محمدا ) هو محمد بن إسماعيل البخاري ( يذكر عن علي بن عبد الله ) هو علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبو الحسن ابن المديني البصري ، ثقة ثبت إمام ، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله ، حتى قال البخاري : ما استصغرت نفسي إلا عنده وقال فيه شيخه ابن عيينة : كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلمه مني ، كذا في التقريب .

                                                                                                          قوله : ( وقد ذهب بعض أهل الكوفة إلى هذا الحديث وقالوا يوتر الرجل إذا ذكر وإن كان بعدما طلعت الشمس إلخ ) قال الشوكاني في النيل : الحديث يعني حديث أبي سعيد الخدري يدل على مشروعية قضاء الوتر إذا فات . وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة علي بن أبي طالب ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر وعبادة بن الصامت ، وعامر بن ربيعة وأبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل وفضالة بن عبيد ، وعبد الله بن عباس كذا قال العراقي ، قال : ومن التابعين عمرو بن شرحبيل وعبيدة السلماني ، وإبراهيم النخعي ومحمد بن المنتشر ، وأبو العالية وحماد بن أبي سليمان ، ومن الأئمة : سفيان الثوري وأبو حنيفة ، والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد ، وإسحاق وأبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي وأبو خيثمة .

                                                                                                          ثم اختلف هؤلاء إلى متى يقضي على ثمانية أقوال : أحدها ما لم يصل الصبح ، وهو قول ابن عباس وعطاء بن أبي رباح ومسروق والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي أيوب وأبي خيثمة حكاه محمد بن نصر عنهم .

                                                                                                          ثانيها : أنه يقضي الوتر ما لم تطلع الشمس ولو بعد صلاة الصبح ، وبه قال النخعي .

                                                                                                          ثالثها : أنه يقضي بعد الصبح وبعد طلوع الشمس إلى الزوال ، روي ذلك عن الشعبي وعطاء والحسن وطاوس ومجاهد وحماد بن أبي سليمان ، وروي أيضا عن ابن عمر وذكر الشوكاني باقي الأقوال قال : ثامنها التفرقة بين أن يتركه لنوم أو نسيان وبين أن يتركه عمدا ، فإن تركه لنوم أو نسيان قضاه إذا استيقظ أو إذا ذكر في أي وقت كان ليلا أو نهارا وهو ظاهر الحديث ، واختاره ابن حزم واستدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها : قال وهذا عموم [ ص: 467 ] يدخل فيه كل صلاة فرض أو نافلة وهو في الفرض أمر فرض وفي النفل أمر ندب ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية