الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الكلام بعد نزول الإمام من المنبر

                                                                                                          517 حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا جرير بن حازم عن ثابت عن أنس بن مالك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يكلم بالحاجة إذا نزل عن المنبر قال أبو عيسى هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث جرير بن حازم قال وسمعت محمدا يقول وهم جرير بن حازم في هذا الحديث والصحيح ما روي عن ثابت عن أنس قال أقيمت الصلاة فأخذ رجل بيد النبي صلى الله عليه وسلم فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم قال محمد والحديث هو هذا وجرير بن حازم ربما يهم في الشيء وهو صدوق قال محمد وهم جرير بن حازم في حديث ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قال محمد ويروى عن حماد بن زيد قال كنا عند ثابت البناني فحدث حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني فوهم جرير فظن أن ثابتا حدثهم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( يكلم بالحاجة إذا نزل من المنبر ) . وفي المنتقى بلفظ : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينزل من المنبر يوم الجمعة فيكلمه الرجل في الحاجة ويكلمه ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي ، وعزاه إلى الخمسة ، وفيه دليل على أنه لا بأس بالكلام بعد نزول الإمام من المنبر عند الحاجة .

                                                                                                          قال القاضي أبو بكر بن العربي : الأصح عندي أن لا يتكلم فيها ؛ لأن مسلما قد روى أن الساعة التي في يوم الجمعة المستجابة هي من حين يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقام الصلاة ، فينبغي أن [ ص: 42 ] يتجرد للذكر والتضرع . انتهى .

                                                                                                          قال الشوكاني : ومما يرجح ترك الكلام بين الخطبة والصلاة الأحاديث الواردة في الإنصات حتى تنقضي الصلاة ، كما عند النسائي بإسناد جيد من حديث سلمان بلفظ : فينصت حتى يقضي صلاته ، قال : ويجمع بين الأحاديث بأن الكلام الجائز بعد الخطبة هو كلام الإمام لحاجة أو كلام الرجل للرجل لحاجة . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وهم جرير بن حازم في هذا الحديث والصحيح ما روى إلخ ) يعني وهم جرير في قوله : يكلم بالحاجة إذا نزل من المنبر ، وإنما الحديث عن ثابت عن أنس : أقيمت الصلاة فأخذ رجل ، الحديث ، وليس فيه إذا نزل من المنبر ، بل ظاهر الحديث أنه في صلاة العشاء لقوله : حتى نعس بعض القوم ، كما أن جريرا وهم في تحديثه عن ثابت عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا ) ، الحديث ؛ لأن ثابتا لم يحدث عن أنس ، وإنما كان جالسا عند تحديث هذا الحديث عن أبي قتادة ، كذا في شرح الترمذي لأبي الطيب السندي .

                                                                                                          وقال أبو داود في سننه : الحديث ليس بمعروف عن ثابت وهو مما تفرد به جرير بن حازم انتهى . وقال الدارقطني : تفرد به جرير بن حازم عن ثابت . انتهى .

                                                                                                          قال العراقي : في ما أعل به البخاري وأبو داود الحديث من أن الصحيح كلام الرجل له بعدما أقيمت الصلاة لا يقدح ذلك في صحة حديث جرير بن حازم ، بل الجمع بينهما ممكن بأن يكون المراد بعد إقامة صلاة الجمعة وبعد نزوله من المنبر فليس الجمع بينهما متعذرا ، كيف وجرير بن حازم أحد الثقات المخرج لهم في الصحيح ، فلا تضر زيادته في كلام الرجل له أنه كان بعد نزوله عن المنبر ، انتهى .

                                                                                                          [ ص: 43 ] قلت : لا شك في أن جرير بن حازم أحد الثقات المخرج لهم في الصحيح ، لكن قال الحافظ في التقريب : وله أوهام إذا حدث من حفظه . وقال في مقدمة فتح الباري : قال الأثرم عن أحمد : حدث بمصر أحاديث وهم فيها ولم يكن يحفظ ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية