الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      البناء في السفر

                                                                                                      3380 أخبرنا زياد بن أيوب قال حدثنا إسمعيل ابن علية قال حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلينا عندها الغداة بغلس فركب النبي صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة فأخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني لأرى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل القرية قال الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين قالها ثلاث مرات قال وخرج القوم إلى أعمالهم قال عبد العزيز فقالوا محمد قال عبد العزيز وقال بعض أصحابنا والخميس وأصبناها عنوة فجمع السبي فجاء دحية فقال يا نبي الله أعطني جارية من السبي قال اذهب فخذ جارية فأخذ صفية بنت حيي فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير ما تصلح إلا لك قال ادعوه بها فجاء بها فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال خذ جارية من السبي غيرها قال وإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أعتقها وتزوجها فقال له ثابت يا أبا حمزة ما أصدقها قال نفسها أعتقها وتزوجها قال حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم فأهدتها إليه من الليل فأصبح عروسا قال من كان عنده شيء فليجئ به قال وبسط نطعا فجعل الرجل يجيء بالأقط وجعل الرجل يجيء بالتمر وجعل الرجل يجيء بالسمن فحاسوا حيسة فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      3380 ( فأخذني نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر ) كذا في أصلنا فأخذ ، وفي مسلم فأجرى ، قال [ ص: 132 ] النووي : وفيه دليل لجواز ذلك ، وأنه لا يسقط المروءة ، ولا يخل بمراتب أهل الفضل ، لا سيما عند الحاجة للقتال أو رياض الدابة أو تدريب النفس ومعاناة أسباب الشجاعة ( وإني لأرى بياض فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هذا دليل لمن يقول : إن الفخذ ليس بعورة وهو المختار ( خربت خيبر ) قيل : هو دعاء تقديره : أسأل الله خرابها ، وقيل : إخبار بخرابها على الكفار وفتحها على المسلمين ( إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ) هو من أدلة جواز الاقتباس من القرآن وهي كثيرة لا تحصى ( فقالوا : محمد ) قال في النهاية : هو خبر مبتدأ محذوف ، أي هذا محمد ( والخميس ) قال النووي : هو بالخاء المعجمة وبرفع السين المهملة : وهو الجيش ، قال الأزهري وغيره : سمي خميسا لأنه خمسة أقسام : مقدمة ، وساقة ، وميمنة ، وميسرة ، وقلب ؛ لتخميس الغنائم ، وأبطلوا هذا القول ؛ لأن هذا الاسم كان معروفا في الجاهلية ولم يكن لهم تخميس .

                                                                                                      [ ص: 133 ] ( وأصبناها عنوة ) بفتح العين أي قهرا لا صلحا ( فجاء دحية ) بكسر الدال وفتحها ( صفية بنت حيي ) قال النووي : الصحيح أن هذا كان اسمها قبل السبي وقيل : كان اسمها زينب فسميت بعد السبي والاصطفاء صفية ، وحيي بضم الحاء وكسرها ( خذ جارية من السبي غيرها ) قال المازري : يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون دحية رد الجارية برضاه وأذن له في غيرها ، والثاني : أنه إنما أذن له في جارية من حشو السبي لا أفضلهن ، فلما رأى أنه أخذ أشرفهن استرجعها لأنه لم يأذن فيها ( فأهدتها ) أي زفتها ( فأصبح عروسا ) هو يطلق على الزوج والزوجة مطلقا ( وبسط نطعا ) [ ص: 134 ] فيه أربع لغات مشهورات : فتح النون وكسرها مع فتح الطاء وإسكانها ، أفصحهن كسر النون وفتح الطاء ، وقد اشتهر بين الأدباء ما قاله ابن سكرة ، ومنها النطع فقلت :


                                                                                                      للضيف سبع من النونات فائقة لحسنها رونق بين الأنام سطع نهر ونون ونوم فوق نمرقة
                                                                                                      ناعورة ونسيم طيب ونطع

                                                                                                      [ ص: 135 ]



                                                                                                      الخدمات العلمية