الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      3563 أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له عن ابن القاسم قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخيل لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذلك في المرج أو الروضة كان له حسنات ولو أنها قطعت طيلها ذلك فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وفي حديث الحارث وأرواثها حسنات له ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقى كان ذلك حسنات فهي له أجر ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله عز وجل في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي على ذلك وزر وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمير فقال لم ينزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      3563 ( فرجل ربطها في سبيل الله ) أي أعدها للجهاد ( في مرج ) هي الأرض الواسعة ذات نبات كثير يمرج فيه الدواب ، أي تخلى وتسرح مختلطة كيف تشاء ( في طيلها ) بالكسر : هو الحبل الطويل يشد أحد طرفيه في وتد أو غيره والطرف الآخر في يد الفرس ليدور فيه ويرعى ولا يذهب لوجهه ، ويقال : له الطول بالكسر أيضا ، وأطال وطول بمعنى أي شدها في الحبل ( فاستنت شرفا أو شرفين ) أي جرت ، قال أبو عبيد : الاستنان أن يحضر الفرس وليس عليه فارس ، وقال غيره : استن في طويله أي مرج فيه من النشاط ، وقال ثابت : الاستنان أن تلج في عودها ذاهبة وراجعة وقيل : هو الجري إلى فوق ، والشرف بفتح الشين المعجمة والراء : هو العالي من الأرض وقيل : المراد هنا طلقا أو طلقين ( ولو أنها مرت بنهر فشربت منه لم يرد أن تسقى كان ذلك حسنات ) قال [ ص: 217 ] النووي : هذا من باب التنبيه ؛ لأنه إذا كان يحصل له هذه الحسنات من غير قصد ، فمع القصد أولى بإضعاف الحسنات ( ورجل ربطها تغنيا وتعففا ) أي استغناء بها عن الطلب من الناس ( ولم ينس حق الله عز وجل في رقابها ولا ظهورها ) قال النووي : استدل به أبو حنيفة رحمه الله على وجوب الزكاة في الخيل ، وتأوله الجمهور على أن المراد أنه يجاهد بها ، وقد يجب الجهاد بها إذا تعين ، وقيل : المراد بظهورها إطراق فحلها إذا طلبت عاريته ، وهذا على الندب ، وقيل : المراد بحق الله مما يكسبه من العدو على ظهورها وهو خمس الغنيمة ، ونواء بالكسر والمد : أي معاداة ومناواة ( إلا هذه الآية الجامعة ) أي العامة المتناولة لكل خير ومعروف ( الفاذة ) أي المنفردة في معناها القليلة [ ص: 218 ] النظير .




                                                                                                      الخدمات العلمية