الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ما آثر به قصي عبد الدار ]

قال ابن إسحاق : فلما كبر قصي ورق عظمه ، وكان عبد الدار بكره ، وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه وذهب كل مذهب ، وعبد العزى وعبد . قال قصي لعبد الدار : أما والله يا بني لألحقنك بالقوم ، وإن كانوا قد شرفوا عليك : لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها له ، ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك ، ولا يشرب أحد بمكة إلا من سقايتك ، ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك ، ولا تقطع قريش [ ص: 130 ] أمرا من أمورها إلا في دارك . فأعطاه داره دار الندوة ، التي لا تقضي قريش أمرا من أمورها إلا فيها ، وأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفادة .

[ الرفادة ]

وكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي بن كلاب ، فيصنع به طعاما للحاج ، فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد . وذلك أن قصيا فرضه على قريش ، فقال لهم حين أمرهم به : يا معشر قريش ، إنكم جيران الله وأهل بيته وأهل الحرم ، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته ، وهم أحق الضيف بالكرامة ، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج ، حتى يصدروا عنكم ففعلوا . فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا فيدفعونه إليه ، فيصنعه طعاما للناس أيام منى . فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام ، ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا . فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام . بمنى للناس حتى ينقضي الحج .

قال ابن إسحاق : حدثني بهذا من أمر قصي بن كلاب ، وما قال لعبد الدار فيما دفع إليه مما كان بيده ، أبي إسحاق بن يسار ، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال :

سمعته يقول ذلك لرجل من بني عبد الدار ، يقال له : نبيه بن وهب بن عامر بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي .

قال الحسن : فجعل إليه قصي كل ما كان بيده من أمر قومه ، وكان قصي لا يخالف ، ولا يرد عليه شيء صنعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية