الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران أبو إسحاق الثقفي السراج النيسابوري كان الإمام أحمد يدخل إلى منزله - وكان بقطيعة الربيع في الجانب الغربي من بغداد - وينبسط فيه ويفطر عنده وكان من الثقات العلماء العباد توفي في صفر منها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن حازم أبو القاسم الختلي وليس هو [ ص: 665 ] بالذي تقدم ذكره في السنين المتقدمة سمع داود بن عمرو وعلي بن الجعد وخلقا كثيرا وقد لينه الدارقطني فقال : ليس بالقوي . توفي في هذه السنة عن نحو ثمانين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سهل بن عبد الله بن يونس التستري أبو محمد أحد أئمة الصوفية لقي ذا النون المصري ، ومن كلام سهل الحسن قوله : أمس قد مات واليوم في النزع وغد لم يولد وهذا كما قال بعض الشعراء :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال القاضي ابن خلكان : وكان سلوكه على يد خاله محمد بن سوار . وقيل : إنه توفي سنة ثلاث وسبعين ، فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش أبو محمد الحافظ المروزي أحد الجوالين الرحالين حفاظ الحديث والمتكلمين في الجرح والتعديل وقد يتستر بشيء من التشيع فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 666 ] روى الخطيب عنه أنه قال : شربت بولي في هذا الشأن خمس مرات . يعني أنه اضطر إلى ذلك في الأسفار في طلبه الحديث .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      علي بن محمد بن أبي الشوارب عبد الملك ، الأموي البصري قاضي سامرا وقد ولي في بعض الأحيان قضاء القضاة وكان من الثقات سمع أبا الوليد وأبا عمر الحوضي وعنه النجاد وابن صاعد وابن قانع ، وحمل الناس عنه علما كثيرا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ابن الرومي الشاعر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب الديوان في الشعر علي بن العباس بن جريج أبو الحسن المعروف بابن الرومي وهو مولى عبد الله بن جعفر وكان شاعرا مشهورا مطبقا ، فمن ذلك قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إذا ما مدحت الباخلين فإنما     تذكرهم ما في سواهم من الفضل [ ص: 667 ]
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وتهدي لهم غما طويلا وحسرة     فإن منعوا منك النوال فبالعدل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومن ذلك قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إذا ما كساك الدهر سربال صحة     ولم تخل من قوت يلذ ويعذب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فلا تغبطن المترفين فإنه     على قدر ما يكسوهم الدهر يسلب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال أيضا :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عدوك من صديقك مستفاد     فلا تستكثرن من الصحاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فإن الداء أكثر ما تراه     يكون من الطعام أو الشراب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إذا انقلب الصديق غدا عدوا     مبينا والأمور إلى انقلاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولو كان الكثير يطيب كانت     مصاحبة الكثير من الصواب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولكن قل ما استكثرت إلا     وقعت على ذئاب في ثياب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فدع عنك الكثير فكم كثير     يعاف وكم قليل مستطاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وما اللجج الملاح بمرويات     ويكفي الري في النطف العذاب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال أيضا :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وما الحسب الموروث لا در دره     بمحتسب إلا بآخر مكتسب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فلا تتكل إلا على ما فعلته     ولا تحسبن المجد يورث بالنسب [ ص: 668 ]
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فليس يسود المرء إلا بنفسه     وإن عد آباء كراما ذوي حسب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إذا العود لم يثمر وإن كان شعبة     من المثمرات اعتده الناس في الحطب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وللمجد قوم ساوروه بأنفس     كرام ولم يعبوا بأم ولا بأب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومن لطيف شعره :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلبي من الطرف السقيم سقيم     لو أن من أشكو إليه رحيم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في وجهها أبدا نهار واضح     من فرعها ليل عليه بهيم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إن أقبلت فالبدر لاح وإن مشت     فالغصن راح وإن رنت فالريم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نعمت بها عيني فطال عذابها     ولكم عذاب قد جناه نعيم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نظرت فأقصدت الفؤاد بسهمها     ثم انثنت نحوي فكدت أهيم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت     وقع السهام ونزعهن أليم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يا مستحل دمي محرم رحمتي     ما أنصف التحليل والتحريم



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وذكر ابن خلكان أشياء كثيرة غير ما أوردناه ، من ذلك قوله ، وكان يزعم أنه لم يسبق إليه :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 669 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم     في الحادثات إذا دجون نجوم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      منها معالم للهدى ومصابح     تجلو الدجى والأخريات رجوم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وذكر أنه ولد سنة إحدى وعشرين ومائتين ، وأنه مات في هذه السنة ، وقيل في التي بعدها ، وقيل في سنة ست وسبعين ، وذكر أن سبب وفاته أن وزير المعتضد القاسم بن عبيد الله كان يخاف من هجوه ولسانه فدس إليه من أطعمه وهو بحضرته خشكنانجة مسمومة فلما أحس بالسم قام ، فقال له الوزير : إلى أين ؟ قال : إلى المكان الذي بعثتني إليه ، قال : سلم على والدي ، فقال : لست أجتاز على النار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومحمد بن سليمان بن الحارث أبو بكر الباغندي الواسطي كان من الحفاظ وقد ذكر أن أبا داود كان يسأله عن الحديث ومع هذا تكلموا فيه وضعفوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن غالب بن حرب أبو جعفر الضبي المعروف بتمتام سمع [ ص: 670 ] عفان وقبيصة والقعنبي وكان من الثقات .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الدارقطني : وربما أخطأ . توفي في رمضان عن تسعين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      البحتري الشاعر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب الديوان المشهور ، اسمه الوليد بن عبادة ، ويقال : الوليد بن عبيد بن يحيى أبو عبادة الطائي البحتري الشاعر أصله من منبج وقدم بغداد ومدح المتوكل والرؤساء وكان شعره في المدح خيرا منه في المراثي فقيل له في ذلك ، فقال : المديح للرجاء والمراثي للوفاء وبينهما بعد . وقد روى شعره المبرد وابن درستويه وابن المرزبان ، وقيل له : إنهم يقولون إنك أشعر من أبي تمام ، فقال : لولا أبو تمام ما أكلت الخبز ، كان أبو تمام أستاذنا وقد كان البحتري شاعرا مطبقا فصيحا بليغا رجع إلى بلده فمات بها في هذه السنة ، وقيل : في التي بعدها عن ثمانين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية