الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 496 ] ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في المحرم منها غزا يمين الدولة محمود بن سبكتكين بلاد الهند ، فصمد ملكها له جيبال في جيش عظيم ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ففتح الله للمسلمين ، وانهزمت الهنود ، وأسر ملكهم جيبال ، وأخذ من عنقه قلادة قيمتها ثمانون ألف دينار ، وغنم المسلمون منهم أموالا عظيمة ، وفتحوا بلادا كثيرة ، ثم أطلق محمود ملك الهند ; احتقارا له واستهانة به ، ليراه أهل مملكته في لباس المذلة ، فحين وصل جيبال - لعنه الله - إلى بلاده ألقى نفسه في النار التي يعبدونها من دون الله فاحترق ، لعنه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ربيع الآخر منها ثارت العوام على النصارى ببغداد ، فنهبوا كنيستهم التي بقطيعة الرقيق وأحرقوها ، فسقطت على خلق فماتوا ، وفيهم جماعة من المسلمين ; رجال ونساء وصبيان . وفي رمضان منها قوي أمر العيارين ، وكثرت العملات والنهب ببغداد ، وانتشرت الفتنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الجوزي : وفي ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة انقض كوكب أضاء [ ص: 497 ] كضوء القمر ليلة التمام ، ومضى الشعاع وبقي جرمه يتموج نحو ذراعين في ذراع برأي العين ، ثم توارى بعد ساعة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذا الشهر قدم الحجاج من خراسان إلى بغداد ليسيروا إلى الحجاز ، فبلغهم عيث الأعراب بالفساد ، وأنه لا قاهر لهم ولا ناظر ينظر في أمورهم ، فرجعوا إلى بلادهم ، ولم يحج من بلاد المشرق أحد في هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي يوم عرفة ولد لبهاء الدولة ابنان توأمان ، فمات أحدهما بعد سبع سنين ، وبقي الآخر حتى قام بالأمر من بعد أبيه ، ولقب مشرف الدولة وحج المصريون فيها بالناس .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية