الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الله بن بكر بن محمد بن الحسين ، أبو أحمد الطبراني

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سمع ببغداد ومكة وغيرهما من البلاد ، وكان مكثرا ، سمع منه الدارقطني وعبد الغني بن سعيد ، ثم أقام بالشام بالقرب من جبل عند بانياس يعبد الله تعالى إلى أن مات في ربيع الأول من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن أحمد بن علي بن الحسين ، أبو مسلم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كاتب الوزير ابن حنزابة ، روى عن البغوي وابن صاعد وابن دريد وابن أبي داود وابن عرفة وابن مجاهد وغيرهم . وكان آخر من بقي من أصحاب البغوي ، وكان من أهل العلم والحديث والمعرفة والفهم ، وقد تكلم بعضهم في روايته عن البغوي ; لأن أصوله كان غالبها مفسودا . وذكر الصوري أنه خلط في آخر عمره ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الحسن علي بن أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد [ ص: 527 ] الأعلى الصدفي المصري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب كتاب " الزيج الحاكمي " في أربع مجلدات ، كان أبوه من أكابر المحدثين من الحفاظ ، وقد أرخ لمصر تاريخا نافعا يرجع إليه العلماء ، وأما هذا فاشتغل بعلم النجوم ، فنال من شأنه منالا جيدا ، وكان شديد الاعتناء بعلم الرصد ، وكان مع هذا مغفلا ، سيئ الحال ، رث الثياب ، طويلا يتعمم على طرطور طويل ويتطيلس فوقه ، ويركب حمارا ، فمن رآه ضحك منه ، وكان يدخل على الحاكم فيكرمه ، ويذكر من تغفله ما يدل على عدم اعتنائه بأمر نفسه ، وكان شاهدا معدلا ، وله شعر جيد ، فمنه ما ذكره ابن خلكان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمل نشر الريح عند هبوبه رسالة مشتاق لوجه حبيبه     بنفسي من تحيا النفوس بقربه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومن طابت الدنيا به وبطيبه     وجدد وجدي طائف منه في الكرى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سرى موهنا في خفية من رقيبه     لعمري لقد عطلت كأسي بعده
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وغيبتها عني لطول مغيبه

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تمني أم أمير المؤمنين القادر بالله

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      مولاة عبد الواحد بن المقتدر ، كانت من العابدات الصالحات ، ومن أهل الفضل والدين ، توفيت ليلة الخميس الثاني والعشرين من شعبان من هذه السنة ، وصلى عليها ابنها القادر ، وحملت بعد العشاء إلى الرصافة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 528 ] سنة أربعمائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في ربيع الآخر منها نقصت دجلة نقصا كثيرا ، حتى ظهرت جزائر لم تكن تعرف ، وامتنع سير السفن في أماكنها من أوانا والراشدية فأمر بكري تلك الأماكن ولم تكر قبل ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كمل السور على المشهد بالحائر ، وكان الذي بناه أبو محمد الحسن بن الفضل بن سهلان على نذر نذره حين زاره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي رمضان أرجف الناس بالخليفة القادر بالله فجلس للناس يوم جمعة بعد الصلاة ، وعليه البردة ، وبيده القضيب ، وجاء الشيخ أبو حامد الإسفراييني فقبل الأرض بين يديه ، وقرأ لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا [ الأحزاب : 60 ، 61 ] فتباكى الناس ، ودعوا ، وانصرفوا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 529 ] وفي هذه السنة ورد الخبر بأن الحاكم أنفذ إلى دار جعفر بن محمد الصادق بالمدينة ، فأخذ منها مصحفا وآلات كانت بها ، وهذه الدار لم تفتح بعد موت صاحبها إلى هذه المدة ، وكان مع المصحف قعب خشب مطوق بحديد ودرقة خيزران وحربة وسرير ، حمل ذلك كله جماعة من العلويين إلى الديار المصرية ، فأطلق لهم أنعاما كثيرة ونفقات زائدة ، ورد السرير ، وأخذ الباقي ، وقال : أنا أحق به ، فردوا وهم ذامون له داعون عليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وبنى الحاكم في هذه السنة دار العلم ، وأجلس فيها الفقهاء ، ثم بعد ثلاث سنين هدمها ، وقتل خلقا كثيرا ممن كان فيها من الفقهاء والمحدثين وأهل الخير والديانة . وعمر الجامع المنسوب إليه بالديار المصرية ، وهو جامع الحاكم ، وتأنق في بنائه في هذه السنة . وفي ذي الحجة منها أعيد المؤيد هشام بن الحكم بن عبد الرحمن الأموي إلى ملكه بعد خلعه وحبسه مدة طويلة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكانت الخطبة بالحرمين في هذه السنة للحاكم العبيدي صاحب مصر والشام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية