الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 115 ] قصة الإراشي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثنا عبد الملك بن أبي سفيان الثقفي قال : قدم رجل من إراش بإبل له مكة ، فابتاعها منه أبو جهل بن هشام فمطله بأثمانها ، فأقبل الإراشي حتى وقف على نادي قريش ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في ناحية المسجد ، فقال : يا معشر قريش ، من رجل يعديني على أبي الحكم بن هشام ; فإني غريب وابن سبيل ، وقد غلبني على حقي ؟ فقال أهل المجلس : ترى ذلك الرجل ؟ وهم يهزؤون به ، إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل من العداوة : اذهب إليه ، فهو يؤديك عليه ، فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له ، فقام معه ، فلما رأوه قام معه ، قالوا لرجل ممن معهم : اتبعه فانظر ماذا يصنع ؟ فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءه ، فضرب عليه بابه ، فقال : من هذا ؟ قال : " محمد ، فاخرج " . فخرج إليه ، وما في وجهه قطرة دم ، وقد انتقع لونه ، فقال : " أعط هذا الرجل حقه " . فقال : لا تبرح حتى أعطيه الذي له . قال : فدخل ، فخرج إليه بحقه فدفعه إليه ، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال [ ص: 116 ] للإراشي : " الحق بشأنك " . فأقبل الإراشي حتى وقف على ذلك المجلس ، فقال : جزاه الله خيرا ; فقد أخذت الذي لي . وجاء الرجل الذي بعثوا معه ، فقالوا : ويحك ، ماذا رأيت ؟ قال : عجبا من العجب ، والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه ، فخرج وما معه روحه ، فقال : " أعط هذا الرجل حقه " . فقال : نعم ، لا تبرح حتى أخرج إليه حقه ، فدخل فأخرج إليه حقه فأعطاه . ثم لم يلبث أن جاء أبو جهل فقالوا له : ويلك ما لك ؟ ! فوالله ما رأينا مثل ما صنعت ؟ فقال : ويحكم ، والله ما هو إلا أن ضرب علي بابي ، وسمعت صوته ، فملئت رعبا ، ثم خرجت إليه ، وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ، ما رأيت مثل هامته ، ولا قصرته ، ولا أنيابه لفحل قط ، فوالله لو أبيت لأكلني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية