الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقعة حارم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان فتح حارم في رمضان من هذه السنة ، وذلك أن نور الدين استغاث بعساكر المسلمين - فجاءوا من كل فج عميق - ليأخذ ثأره من الفرنج ، فالتقى معهم بتل حارم فكسرهم كسرة عظيمة ، وأسر البرنس صاحب أنطاكية والقومص صاحب طرابلس والدوك مقدم الروم ، وابن جوسلين ، وقتل منهم عشرة آلاف ، وقيل : عشرين ألفا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 411 ] وفي ذي الحجة منها فتح نور الدين مدينة بانياس وقيل : إنما كان فتحه لها في سنة ستين . فالله أعلم . وكان معه أخوه نصر الدين أمير أميران ، فأصابه سهم في إحدى عينيه فأذهبها ، فقال له الملك نور الدين : لو نظرت إلى ما أعد الله لك من الأجر في الآخرة لأحببت أن تذهب الأخرى . وقال لابن معين الدين أنر : إنه اليوم قد بردت جلدة والدك من نار جهنم ; لأنه كان سلمها إلى الفرنج ، صلحا عن دمشق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي شهر ذي الحجة من هذه السنة احترق قصر جيرون حريقا عظيما ، فحضر في تلك الليلة الأمراء ; منهم أسد الدين شيركوه بعد رجوعه من الديار المصرية ، وسعى سعيا عظيما في إطفاء هذه النار وصون حوزة الجامع منها ، جزاه الله خيرا ، وأثابه دار القرار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية