الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم رحل السلطان من حلب في أواخر ربيع الآخر بجيوشه وعساكره وقد جعل فيها ولده الظاهر غازيا ، وولى قضاءها لمحيي الدين بن الزكي ، فاستناب له فيها نائبا ، ورجع هو مع السلطان في خدمته ، فاجتاز بحماة ثم بحمص ثم على بعلبك ثم دخل دمشق في ثالث جمادى الأولى مؤيدا منصورا في أبهة عظيمة ونعمة جسيمة ، وكان ذلك يوما مشهودا ، ومن نيته الخروج سريعا إلى قتال الفرنج ، فبرز منها في أول جمادى الآخرة في جحافله قاصدا نحو القدس الشريف ، فانتهى إلى بيسان فنهبها ، ونزل على عين جالوت وأرسل بين يديه سرية هائلة فيها جرديك وطائفة من النورية ، وجاولي مملوك عمه أسد الدين ، فوجدوا جيش الكرك من الفرنج قاصدين إلى أصحابهم ; نجدة لهم ، فالتقوا معهم فقتلوا من الفرنج خلقا كثيرا وأسروا مائة أسير ، ولم يفقد من المسلمين سوى شخص واحد ، ثم عاد في آخر ذلك اليوم ، وبلغ السلطان أن الفرنج قد اجتمعوا لقتاله ، فقصدهم وتصدى لهم لعلهم يصافونه ، فنكلوا عنه فقتل منهم خلقا كثيرا من أطرافهم وجرح مثلهم ، فرجعوا ناكصين على أعقابهم خائفين منه غاية المخافة ; لكثرة جيشه ، وهو خلفهم يقتل ويأسر حتى غوروا في بلادهم ، فرجع عنهم مؤيدا منصورا ، وكتب القاضي الفاضل إلى الخليفة يعلمه بما من الله به على المسلمين من نصرهم على الفرنج ، وكان لا يفعل شيئا ولا يريد أن يفعله إلا طالع [ ص: 566 ] بذلك الخليفة ; أدبا واحتراما وطاعة واحتشاما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية