الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان السلطان الملك صلاح الدين قد قسم البلاد بين أولاده ، فالديار المصرية لولده العزيز عماد الدين عثمان أبي الفتح ، وبلاد دمشق وما حولها لولده الأفضل نور الدين علي ، وهو أكبر أولاده كلهم ، والمملكة الحلبية لولده الظاهر [ ص: 659 ] غازي غياث الدين ، ولأخيه العادل الكرك والشوبك وبلاد جعبر وبلاد كثيرة قاطع الفرات ، وحماة ومعاملة أخرى معها للملك المنصور محمد بن تقي الدين عمر ابن أخي السلطان ، وحمص والرحبة وغيرها لأسد الدين بن شيركوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه الكبير ، عم صلاح الدين أخي أبيه نجم الدين أيوب ، واليمن بمعاقله ومخاليفه جميعه في قبضة السلطان ظهير الدين سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أخي السلطان صلاح الدين ، وبعلبك وأعمالها للأمجد بهرام شاه بن فروخشاه ، وبصرى وأعمالها للظافر بن الناصر ، ثم شرعت الأمور بعد موت صلاح الدين تضطرب وتختلف وتتفاقم في جميع هذه الأحوال ، حتى آل الأمر إلى ما آل إليه ، واستقرت الممالك ، واجتمعت المحافل على أخي السلطان ، الملك العادل ، وصارت المملكة في أولاده الأماجد الأفاضل ، كما سنوضحه قريبا ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة جدد الخليفة الناصر لدين الله خزانة كتب المدرسة النظامية ببغداد ، ونقل إليها ألوفا من الكتب الحسنة المثمنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وجرت ببغداد في المحرم من هذه السنة كائنة غريبة ; وهي أن ابنة لرجل من التجار في الطحين تعشقت لغلام أبيها ، فلما علم أبوها بأمرها طرد الغلام من داره ، فواعدته البنت ذات ليلة ، فجاء مختفيا ، فتركته في بعض الدار ، ونزل في أثناء الليل ، فقتل أباها مولاه ، وأمرته الجارية بقتل أمها ، فقتلها وهي حبلى ، وأعطته الجارية حليا بقيمة ألفي دينار ، فأصبح أمره عند الشرطة فمسك وقتل قبحه الله وإياها ، وقد كان سيده من خيار الناس ، وأكثرهم صدقة وبرا ، وكان شابا وضيء الوجه ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 660 ] وفيها درس بالمدرسة الجديدة عند قبر معروف الكرخي الشيخ أبو علي النوقاني ، وحضر عنده القضاة والأعيان ، وعمل بها دعوة حافلة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية