الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 12 ] خلافة المستكفي بالله أمير المؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ابن الحاكم بأمر الله العباسي


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لما عهد إليه أبوه ، كتب تقليده بذلك ، وقرئ بحضرة السلطان والدولة يوم الأحد العشرين من ذي الحجة من هذه السنة ، وخطب له على المنابر بالديار المصرية والشامية ، وسارت بذلك البريدية إلى جميع البلاد الإسلامية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وتوفي فيها الأمير عز الدين أيبك بن عبد الله النجيبي الدوادار ، والي البر بدمشق ، وأحد أمراء الطبلخاناه بها ، وكان مشكور السيرة ، ولم تطل مدته ، ودفن بقاسيون ، توفي يوم الثلاثاء سادس عشر ربيع الأول .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 13 ] الشيخ الإمام العالم شرف الدين أبو الحسن علي بن الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ الفقيه تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الشيخ أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أحمد بن محمد اليونيني البعلبكي ، وكان أكبر من أخيه الشيخ قطب الدين بن الشيخ الفقيه ، ولد شرف الدين سنة إحدى وعشرين وستمائة ، فأسمعه أبوه الكثير ، واشتغل وتفقه ، وكان عابدا عاملا ، كثير الخشوع ، دخل عليه إنسان وهو بخزانة الكتب ، فجعل يضربه بعصا في رأسه ثم بسكين ، فبقي متمرضا أياما ، ثم توفي إلى رحمة الله يوم الخميس حادي عشر رمضان ببعلبك ، ودفن بباب سطحا ، وتأسف الناس عليه لعلمه ، وعمله ، وحفظه الأحاديث ، وتودده إلى الناس ، وتواضعه ، وحسن سمته ، ومروءته ، تغمده الله برحمته .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الصدر ضياء الدين أحمد بن الحسين بن شيخ السلامية ، والد القاضي قطب الدين موسى ، الذي تولى فيما بعد نظر الجيش بالشام وبمصر أيضا ، [ ص: 14 ] توفي يوم الثلاثاء عشرين ذي القعدة ، ودفن بقاسيون ، وعمل عزاؤه بالرواحية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير الكبير المجاهد المرابط : علم الدين أرجواش بن عبد الله المنصوري ، نائب القلعة بالشام ، كان ذا هيبة ، وهمة ، وشهامة ، وقصد صالح ، قدر الله على يديه حفظ معقل المسلمين لما ملكت التتار الشام أيام قازان ، وعصت عليهم القلعة ، ومنعها الله منهم على يدي هذا الرجل ، فإنه التزم أن لا يسلمها إليهم ما دام بها عين تطرف ، واقتدت بها بقية القلاع الشامية ، وكانت وفاته بالقلعة ليلة السبت الثاني والعشرين من ذي الحجة ، وأخرج منها ضحوة يوم السبت ، فصلي عليه ، وحضر نائب السلطنة فمن دونه جنازته ، ثم حمل إلى سفح قاسيون ، فدفن في تربته ، رحمه الله تعالى . .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأبرقوهي المسند المعمر المصري ، هو الشيخ الجليل المسند الرحلة ، بقية السلف ، شهاب الدين أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد بن علي بن إسماعيل بن أبي طالب الأبرقوهي الهمذاني ثم المصري ، ولد بأبرقوه من بلاد شيراز في رجب أو شعبان سنة خمس عشرة وستمائة ، وسمع الكثير من [ ص: 15 ] الحديث على المشايخ الكثيرين ، وخرجت له مشيخات ، وكان شيخا حسنا متيقظا ، توفي بمكة بعد خروج الحجيج بأربعة أيام ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي صاحب مكة ، الأمير الشريف أبو نمي محمد ابن الأمير أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الحسني ، صاحب مكة منذ أربعين سنة ، وكان حليما وقورا ، ذا رأي وسياسة وعقل ومروءة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولد كاتبه إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصروي الشافعي ، عفا الله عنه . والله سبحانه أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية