الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قدوم قاضي القضاة بهاء الدين أحمد ابن قاضي القضاة تقي الدين عوضا عن أخيه قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قدم يوم الثلاثاء قبل العصر ، فبدأ بملك الأمراء فسلم عليه ثم ذهب إلى أمير علي نائب السلطنة المعزول ، وهو بداره بالقصاعين ، فسلم عليه ، ثم مشى إلى دار الحديث ، فصلى هناك ، ثم مشى إلى المدرسة الركنية ، فنزل بها عند ابن أخته قاضي القضاة بدر الدين بن أبي الفتح - قاضي العساكر - وذهب الناس للسلام عليه ، وهو يكره من يلقبه بقاضي القضاة ، وعليه تواضع ، وتقشف ، ويظهر [ ص: 664 ] عليه تأسف على مفارقة بلده ووطنه ، وولده ، وأهله ، والله المسئول المأمول أن يحسن العاقبة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وخرج المحمل السلطاني يوم الخميس ثاني عشر شوال ، وأمير الحاج الملك صلاح الدين ابن الملك الكامل بن السعيد ابن العادل الكبير ، وقاضيه الشيخ بهاء الدين بن سبع - مدرس الأمينية ببعلبك . وفي هذا الشهر وقع الحكم بعود ما يخص المجاهدين من وقف المدرسة التقوية إليهم ، وأذن القضاة الأربعة إليهم بحضرة ملك الأمراء في ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ليلة الأحد سادس شهر ذي القعدة توفي القاضي ناصر الدين محمد بن يعقوب كاتب السر ، وشيخ الشيوخ ، ومدرس الناصرية الجوانية ، والشامية الجوانية بدمشق ، ومدرس الأسدية بحلب ، وقد باشر كتابة السر بحلب أيضا ، وقضاء العساكر ، وأفتى من زمان ولاية الشيخ كمال الدين بن الزملكاني قضاء حلب ، أذن له هنالك في حدود سنة سبع وعشرين وسبعمائة ، ومولده سنة سبع وسبعمائة ، وقد قرأ " التنبيه " ، و " مختصر ابن الحاجب " في الأصول وفي العربية ، وكان عنده نباهة وممارسة للعلم ، وفيه جودة طباع وإحسان بحسب ما يقدر عليه ، وليس يتوسم منه سوء ، وفيه ديانة وعفة ، حلف لي في وقت بالأيمان المغلظة أنه لم يكن قط منه فاحشة اللواط ، ولا خطر له ذلك ، ولم يزن ، ولم يشرب مسكرا ، ولا أكل حشيشة ، فرحمه الله وأكرم مثواه . صلي عليه بعد الظهر يومئذ ، [ ص: 665 ] وخرجوا بالجنازة من باب النصر ، فخرج نائب السلطنة من دار السعادة ، فحضر الصلاة عليه هنالك ، ودفن بمقبرة لهم بالصوفية ، وتأسفوا عليه ، وترحموا ، وتزاحم جماعة من الفقهاء في طلب مدارسه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية