الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل ( خروج النبي صلى الله عليه وسلم من أسفل مكة )

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم خرج ، عليه الصلاة والسلام ، من أسفل مكة ، كما قالت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة من أعلاها ، وخرج من أسفلها أخرجاه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عمر : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثنية العليا التي بالبطحاء ، وخرج من الثنية السفلى . رواه البخاري ومسلم . وفي لفظ : دخل من كداء ، وخرج من كدى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال الإمام أحمد : ثنا محمد بن فضيل ، ثنا أجلح بن عبد الله ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة عند غروب الشمس ، [ ص: 664 ] فلم يصل حتى أتى سرفا ، وهي على تسعة أميال من مكة . وهذا غريب جدا . وأجلح فيه نظر ، ولعل هذا في غير حجة الوداع فإنه ، عليه الصلاة والسلام ، كما قدمنا طاف بالبيت بعد صلاة الصبح ، فماذا أخره إلى وقت الغروب ؟! هذا غريب جدا ، اللهم إلا أن يكون ما ادعاه ابن حزم صحيحا من أنه ، عليه الصلاة والسلام ، رجع إلى المحصب من مكة بعد طوافه بالبيت طواف الوداع ، ولم يذكر دليلا على ذلك إلا قول عائشة حين رجعت من اعتمارها من التنعيم ، فلقيته مصعدة وهو منهبط على أهل مكة ، أو منهبطة وهو مصعد . قال ابن حزم : الذي لا شك فيه أنها كانت مصعدة من مكة وهو منهبط ; لأنها تقدمت إلى العمرة ، وانتظرها حتى جاءت ، ثم نهض عليه الصلاة والسلام إلى طواف الوداع ، فلقيها منصرفة إلى المحصب من مكة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال البخاري : باب من نزل بذي طوى إذا رجع من مكة . وقال محمد بن عيسى : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان إذا أقبل بات بذي طوى ، حتى إذا أصبح دخل ، وإذا نفر مر بذي طوى ، وبات بها حتى يصبح ، وكان يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك . هكذا ذكر هذا معلقا بصيغة الجزم ، وقد أسنده هو ومسلم من حديث حماد بن زيد به ، لكن ليس فيه ذكر المبيت بذي طوى في الرجعة . فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 665 ] فائدة عزيزة : فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصحب معه من ماء زمزم شيئا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الحافظ أبو عيسى الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا خلاد بن يزيد الجعفي ، ثنا زهير بن معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها كانت تحمل من ماء زمزم ، وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله . ثم قال : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال البخاري : ثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله - هو ابن المبارك - ثنا موسى بن عقبة ، عن سالم ونافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من الغزو أو الحج أو العمرة ، يبدأ فيكبر ثلاث مرات ، ثم يقول : " لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون ساجدون ، لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده " . والأحاديث في هذا كثيرة ، ولله الحمد والمنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية