الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل في الإخبار عن قتال الترك كما وقع ، سنبينه إن شاء الله تعالى ، وبه ثقة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البخاري : ثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، ثنا أبو الزناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ، وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين ، حمر الوجوه ، ذلف الأنوف ، كأن [ ص: 220 ] وجوههم المجان المطرقة ، وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه ، والناس معادن ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام ، وليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله " . تفرد به من هذا الوجه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم قال البخاري : ثنا يحيى ، ثنا عبد الرزاق عن معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزا وكرمان من الأعاجم ، حمر الوجوه ، فطس الأنوف ، صغار الأعين ، كأن وجوههم المجان المطرقة ، نعالهم الشعر " . تابعه غيره عن عبد الرزاق . وقد ذكر عن الإمام أحمد أنه قال : أخطأ عبد الرزاق في قوله : خوزا . بالخاء ، وإنما هو بالجيم . قلت : خوز وكرمان بلدان معروفان بالشرق . فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما كأن وجوههم المجان المطرقة ، نعالهم الشعر " وقد رواه الجماعة إلا النسائي ، من حديث سفيان بن عيينة به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 221 ] وقال البخاري : ثنا علي بن عبد الله ، ثنا سفيان قال : قال إسماعيل : أخبرني قيس قال : أتينا أبا هريرة ، رضي الله عنه ، فقال : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين لم أكن في سني أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن سمعته يقول; وقال هكذا بيده : بين يدي الساعة تقاتلون قوما نعالهم الشعر وهو هذا البارز ، وقال سفيان مرة : وهم أهل البازر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد رواه مسلم عن أبي كريب ، عن أبي أسامة ووكيع ، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ، كأن وجوههم المجان المطرقة ، حمر الوجوه ، صغار الأعين قلت : وأما قول سفيان بن عيينة : هم أهل البازر . فالمشهور في الرواية تقديم الراء على الزاي ، ولعله تصحيف اشتبه على القائل ، من البازر; وهو السوق بلغتهم . فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، ثنا جرير بن حازم ، سمعت الحسن [ ص: 222 ] قال : ثنا عمرو بن تغلب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما نعالهم الشعر - أو : ينتعلون الشعر - وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه ، كأن وجوههم المجان المطرقة ورواه البخاري عن سليمان بن حرب وأبي النعمان ، عن جرير بن حازم به . والمقصود أن قتال الترك وقع في آخر أيام الصحابة ، قاتلوا القان الأعظم ، فكسروه كسرة عظيمة ، على ما سنورده في موضعه إذا انتهينا إليه ، بحول الله وقوته وحسن توفيقه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية