الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وقال ابن إسحاق : وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل ، قتله ابن قميئة الليثي ، وهو يظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فرجع إلى قريش فقال : قتلت محمدا .

                                                                                      ولما قتل مصعب أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب ورجالا من المسلمين
                                                                                      .

                                                                                      وقال موسى بن عقبة : واستجلبت قريش من شاءوا من مشركي العرب ، وسار أبو سفيان في جمع قريش . ثم ذكر نحو ما تقدم ، وفيه : فأصابوا وجهه ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وقصموا رباعيته ، وخرقوا شفته . يزعمون أن الذي رماه عتبة بن أبي وقاص .

                                                                                      وعنده يعني عند ابن عقبة المنام وفيه : فأولت الدرع الحصينة المدينة ، فامكثوا واجعلوا الذراري في الآطام ، فإن دخلوا علينا في الأزقة قاتلناهم ورموا من فوق البيوت . وكانوا قد سكوا أزقة المدينة بالبنيان حتى كانت كالحصن . فأبى كثير من الناس إلا الخروج ، وعامتهم لم يشهدوا بدرا . قال : وليس مع المسلمين فرس .

                                                                                      وكان حامل لواء المشركين طلحة بن عثمان ، أخو شيبة العبدري ، [ ص: 402 ] وحامل لواء المسلمين رجل من المهاجرين ، فقال : أنا عاصم إن شاء الله لما معي ، فقال له طلحة بن عثمان : هل لك في المبارزة ؟ فقال : نعم فبدره ذلك الرجل فضرب بالسيف على رأسه حتى وقع السيف في لحيته .

                                                                                      فكان قتل صاحب المشركين تصديقا لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : أراني أني مردف كبشا .

                                                                                      فلما صرع انتشر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وصاروا كتائب متفرقة ، فجاسوا العدو ضربا حتى أجهضوهم عن أثقالهم . وحملت خيل المشركين على المسلمين ثلاث مرات ، كل ذلك تنضخ بالنبل فترجع مفلولة . وحمل المسلمون فنهكوهم قتلا ، فلما أبصر الرماة الخمسون أن الله قد فتح ، قالوا : والله ما نجلس هاهنا لشيء . فتركوا منازلهم التي عهد إليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتركوها ، وتنازعوا وفشلوا وعصوا الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأوجفت الخيل فيهم قتلا ، وكان عامتهم في العسكر . فلما أبصر ذلك المسلمون اجتمعوا ، وصرخ صارخ : أخراكم أخراكم ، قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فسقط في أيديهم . فقتل منهم من قتل ، وأكرمهم الله بالشهادة . وأصعد الناس في الشعب لا يلوون على أحد ، وثبت الله نبيه ، وأقبل يدعو أصحابه مصعدا في الشعب ، والمشركون على طريقه ، ومعه عصابة منهم طلحة بن عبيد الله والزبير ، وجعلوا يسترونه حتى قتلوا إلا ستة أو سبعة .

                                                                                      ويقال : كان كعب بن مالك أول من عرف عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فقد ، من وراء المغفر . فنادى بصوته الأعلى : الله أكبر ، هذا رسول الله ، فأشار إليه - زعموا - رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اسكت . وجرح رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 403 ] في وجهه وكسرت رباعيته .

                                                                                      وكان أبي بن خلف قال حين افتدي : والله إن عندي لفرسا أعلفها كل يوم فرق ذرة ، ولأقتلن عليها محمدا . فبلغ قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل أنا أقتله إن شاء الله . فأقبل أبي مقنعا في الحديد على فرسه تلك يقول : لا نجوت إن نجا محمد . فحمل على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال موسى . قال سعيد بن المسيب : فاعترض له رجال ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلوا طريقه ، واستقبله مصعب بن عمير يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتل مصعبا . وأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبي من فرجة بين سابغة البيضة والدرع ، فطعنه فيها بحربته ، فوقع أبي عن فرسه ، ولم يخرج من طعنته دم .

                                                                                      قال سعيد : فكسر ضلع من أضلاعه ، ففي ذلك نزلت ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ( 17 ) ) [ الأنفال ] . فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور فقالوا : ما جزعك ؟ إنما هو خدش . فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنا أقتل أبيا . ثم قال : والذي نفسي بيده ، لو كان هذا الذي بي بأهل المجاز لماتوا أجمعون . فمات قبل أن يقدم مكة
                                                                                      .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية