الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وقال ابن إسحاق : ذكر الزهري ، قال : كان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول الناس : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كعب بن مالك . قال : عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر ، فناديت : يا معشر المسلمين . أبشروا ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأشار إلي أن أنصت ، ومعه جماعة . فلما أسند في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول : يا محمد ، لا نجوت إن نجوت . . . الحديث .

                                                                                      وقال هاشم بن هاشم الزهري : سمعت سعيد بن المسيب ، سمع سعدا يقول : نثل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد ، وقال : ارم ، فداك أبي وأمي . أخرجه البخاري .

                                                                                      [ ص: 407 ] وقال ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، عن الزبير ، قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظاهر بين درعين يومئذ ، فلم يستطع أن ينهض إليها ، يعني إلى صخرة في الجبل ، فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوى عليها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوجب طلحة .

                                                                                      وقال حميد وغيره ، عن أنس ، قال : غاب أنس بن النضر ، عم أنس بن مالك ، عن قتال بدر ، فقال : غبت عن أول قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين ، لئن الله أشهدني قتالا ليرين الله ما أصنع . فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال : اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ، يعني المشركين ، وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء ، يعني المسلمين من الهزيمة . فمشى بسيفه فلقيه سعد بن معاذ ، فقال : أي سعد ، إني لأجد ريح الجنة دون أحد ، واها لريح الجنة ! فقال : سعد يا رسول الله فما استطعت أن أصنع كما صنع . قال أنس بن مالك : فوجدناه بين القتلى ، به بضع وثمانون جراحة من ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم ، فما عرفناه ، حتى عرفته أخته ببنانه ، فكنا نتحدث أن هذه الآية ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ( 23 ) ) [ الأحزاب ] ، نزلت فيه وفي أصحابه . متفق عليه ، لكن مسلم من حديث ثابت البناني ، عن أنس .

                                                                                      وقال محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن عمرو بن أقيش كان له ربا في الجاهلية ، فكره أن يسلم حتى يأخذه . فجاء يوم أحد فقال : أين بنو عمي ؟ قالوا : بأحد . فلبس لأمته وركب فرسه ثم توجه قبلهم ، فلما رآه المسلمون قالوا : إليك عنا . قال : إني قد آمنت .

                                                                                      [ ص: 408 ] فقاتل حتى جرح ، فحمل جريحا ، فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخته : سليه ، حميه لقومك أو غضبا لله ؟ قال : بل غضبا لله ورسوله . فمات فدخل الجنة وما صلى صلاة . أخرجه أبو داود .

                                                                                      وقال حيوة بن شريح المصري : حدثني أبو صخر حميد بن زياد ، أن يحيى بن النضر حدثه عن أبي قتادة ، قال : أتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتل ، أمشي برجلي هذه صحيحة في الجنة ؟ وكان أعرج ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، فقتل يوم أحد هو وابن أخيه ومولى لهم ، فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كأني أراك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة . وأمر بهما وبمولاهما فجعلوا في قبر واحد .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية