الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أمر الذين خلفوا

                                                                                      قال شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري : أخبرني سعيد بن المسيب ، أن بني قريظة كانوا حلفاء لأبي لبابة ، فاطلعوا إليه ، وهو يدعوهم إلى حكم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا أبا لبابة ، أتأمرنا أن ننزل ؟ فأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح . فأخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال له : لم تر عيني ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحسبت أن الله غفل عن يدك حين تشير إليهم بها إلى حلقك ؟ " فلبث حينا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عاتب عليه .

                                                                                      ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك ، فتخلف عنه أبو لبابة فيمن تخلف . فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه أبو لبابة يسلم عليه ، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففزع أبو لبابة ، فارتبط بسارية التوبة ، التي عند باب أم سلمة ، [ ص: 251 ] سبعا بين يوم وليلة ، في حر شديد ، لا يأكل فيهن ولا يشرب قطرة . وقال : لا يزال هذا مكاني حتى أفارق الدنيا أو يتوب الله علي . فلم يزل كذلك حتى ما يسمع الصوت من الجهد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه بكرة وعشية . ثم تاب الله عليه فنودي : إن الله قد تاب عليك . فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطلق عنه رباطه ، فأبى أن يطلقه عنه أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأطلق عنه بيده . فقال أبو لبابة حين أفاق : يا رسول الله ، إني أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأنتقل إليك فأساكنك ، وإني أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله . فقال : " يجزئ عنك الثلث " فهجر دار قومه وتصدق بثلث ماله ، ثم تاب فلم ير منه بعد ذلك في الإسلام إلا خير ، حتى فارق الدنيا
                                                                                      . مرسل .

                                                                                      وقال ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( اعترفوا بذنوبهم ( 102 ) ) قال : هو أبو لبابة ، إذ قال لقريظة ما قال ، وأشار إلى حلقه بأن محمدا يذبحكم إن نزلتم على حكمه . وزعم محمد بن إسحاق أن ارتباطه كان حينئذ . ولعله ارتبط مرتين .

                                                                                      وقال عبد الله بن صالح . حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم ( 102 ) ) قال : كانوا عشرة رهط تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في غزوة تبوك . فلما حضر رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد ، وكان ممر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم . فلما رآهم قال : من هؤلاء ؟ قالوا : هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله حتى تطلقهم وتعذرهم . قال : " وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم ، حتى يكون الله هو الذي يطلقهم ، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين " فلما بلغهم ذلك قالوا : ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا . فأنزلت : ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم ( 102 ) ) [ ص: 252 ] [ التوبة ] و " عسى " من الله واجب .

                                                                                      فلما نزلت ، أرسل إليهم فأطلقهم وعذرهم . ونزلت ; إذ بذلوا أموالهم : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ( 103 ) ) [ التوبة ] وروى نحوه عطية العوفي ، عن ابن عباس .

                                                                                      وقال عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، أن أباه ، قال : سمعت كعبا يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك .

                                                                                      قال كعب : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط ، إلا في غزوة تبوك ، غير أني تخلفت عن غزوة بدر ، ولم يعاتب الله أحدا تخلف عنها ، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش ، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد . ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة ، وما أحب أن لي بها مشهد بدر ، وإن كانت بدر ; يعني أذكر في الناس منها .

                                                                                      كان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة . والله ما اجتمعت عندي قبلها راحلتان حتى جمعتهما تلك الغزوة . ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها . حتى كانت تلك الغزوة ، غزاها في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا وعدوا كثيرا ، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم ، وأخبرهم بوجهه الذي يريد ، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ ; يريد الديوان . قال كعب : فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي . وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال ، فأنا إليها أصعر . فتجهز والمسلمون معه .

                                                                                      [ ص: 253 ] وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ولم أقض شيئا ، وأقول في نفسي : أنا قادر على ذلك إذا أردته . فلم يزل يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد . فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا . فقلت : أتجهز بعده يوما أو يومين ثم ألحقهم . فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا ، ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئا . فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو وهممت أن أرحل فأدركهم ، وليتني فعلت ، فلم يقدر لي ذلك . فكنت إذا خرجت في الناس أحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا من النفاق ; أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء . فلم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ، قال وهو جالس في القوم : " ما فعل كعب " ؟ فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله ، حبسه برداه ينظر في عطفه . فقال له معاذ بن جبل : بئس ما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا إلا خيرا .

                                                                                      فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك ، حضرني همي فطفقت أتذكر الكذب وأقول : بماذا أخرج من سخطه غدا ؟ وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي . فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل ، وعرفت أني لا أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب ، فأجمعت صدقه . وأصبح قادما ، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس للناس . فلما فعل ذلك جاء المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له ، وكانوا بضعة وثمانين رجلا . فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم ، وبايعهم ، واستغفر لهم ، ووكل سرائرهم إلى الله . فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ، ثم قال : تعال . فجئت أمشي حتى جلست بين يديه . فقال : ما خلفك ؟ ألم تكن ابتعت ظهرك ؟ فقلت : بلى ؛ يا رسول الله ، إني والله لو جلست [ ص: 254 ] عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ، ولقد أعطيت جدلا ، ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا كاذبا ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخط علي ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه ، إني لأرجو عفو الله . لا ؛ والله ما كان لي من عذر ، ووالله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك .

                                                                                      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هذا فقد صدق ، قم حتى يقضي الله فيك . فقمت ، وثار رجال من بني سلمة فقالوا : لا والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ، أعجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون ، قد كان كافيك لذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك . فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي . ثم قلت : هل لقي هذا معي أحد ؟ قالوا : نعم ؛ رجلان قالا مثل ما قلت . وقيل لهما مثل ما قيل لك . فقلت : من هما ؟ فقالوا : مرارة بن الربيع العمري ، وهلال بن أمية الواقفي . فذكروا رجلين صالحين قد شهدا بدرا ، فيهما أسوة ، فمضيت حين ذكروهما لي .

                                                                                      ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه ، واجتنبنا الناس وتغيروا لنا ، حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة . فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيتهما ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ، ولا يكلمني أحد . وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم عليه فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟ ثم أصلي فأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي ، فإذا التفت نحوه أعرض عني . حتى إذا طال علي ذلك من جفوة المسلمين تسورت جدار حائط أبي قتادة ; وهو ابن عمي وأحب الناس إلي ، فسلمت عليه ، فوالله ما رد . فقلت : يا أبا [ ص: 255 ] قتادة ، أنشدك الله هل تعلم أني أحب الله ورسوله ؟ قال : فسكت ، فعدت له فسكت ، فناشدته الثالثة ، فقال : الله ورسوله أعلم . ففاضت عيناي ، وتوليت حتى تسورت الجدار .

                                                                                      قال : فبينا أنا أمشي بسوق المدينة ، إذا نبطي من أنباط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة . يقول : من يدل على كعب بن مالك ؟ فطفق الناس يشيرون له إلي . حتى إذا جاءني دفع إلي كتابا من ملك غسان ; وكنت كاتبا ; فإذا فيه : أما بعد ؛ فقد بلغني أن صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة ، فالحق بنا نواسك . وهذا أيضا من البلاء ، فتيممت به التنور فسجرته به . حتى إذا مضى لنا أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك . فقلت : أطلقها أم ماذا أفعل بها ؟ فقال : لا ؛ بل اعتزلها فلا تقربنها . وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك . فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله هذا الأمر .

                                                                                      قال كعب : فجاءت امرأة هلال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إن هلالا شيخ ضائع ليس له خادم ، فهل تكره أن أخدمه ؟ فقال : لا ؛ ولكن لا يقربنك . قالت : إنه والله ما به حركة إلى شيء ، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومي هذا . فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله في امرأتك ؟ فقلت : لا والله ، وما يدريني ما يقول لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن استأذنته فيها ، وأنا رجل شاب . فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة . فلما أن صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة ، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا ، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله منا ; قد ضاقت علي نفسي ، وضاقت علي الأرض بما رحبت ; سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع : يا كعب بن مالك ، أبشر . فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء الفرج .

                                                                                      [ ص: 256 ] وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا ، حين صلى صلاة الفجر . فذهب الناس يبشروننا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون . وركض رجل إلي فرسا ، وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل ، وكان الصوت أسرع إلي من الفرس . فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، نزعت ثوبي فكسوتهما إياه ببشراه ، ووالله ما أملك غيرهما يومئذ . واستعرت ثوبين فلبستهما ، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بالتوبة ; يقولون : ليهنك توبة الله عليك . حتى دخلت المسجد ، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ، ولا أنساها لطلحة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه بالسرور : " أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك " قلت : أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال : " لا ؛ بل من عند الله "

                                                                                      وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بشر ببشارة يبرق وجهه كأنه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك منه . فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله : إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى الرسول . قال : أمسك بعض مالك فهو خير لك . فقلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر . وقلت : يا رسول الله ، إن الله إنما نجاني بالصدق ، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت . فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين ابتلاه الله تعالى في صدق الحديث أحسن مما ابتلاني ، ما تعمدت مذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم كذبا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي . وأنزل الله تعالى على رسوله : (
                                                                                      لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ( 117 ) ) إلى قوله : ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ( 119 ) ) [ التوبة ] فوالله ما أنعم الله علي من نعمة ، بعد أن هداني للإسلام ، أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ، أن لا أكون كذبته ، فأهلك كما هلك الذين كذبوه ، فإن الله تعالى قال للذين كذبوه ، حين [ ص: 257 ] نزل الوحي ، شر ما قال لأحد فقال : ( سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون ( 95 ) يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ( 96 ) ) [ التوبة ] .

                                                                                      قال كعب : وكنا خلفنا - أيها الثلاثة - عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له ، وأرجأ أمرنا حتى قضى الله فيها . فبذلك قال تعالى : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ( 118 ) ) [ التوبة ] وليس الذي ذكر الله تخلفنا عن الغزو ، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن تخلف واعتذر ، فقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . متفق عليه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية