الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وقال مسلم بن إبراهيم : حدثنا الأسود بن شيبان ، قال : حدثنا أبو بكر بن ثمامة بن النعمان الراسبي ، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير ، قال : [ ص: 272 ] وفد أبي في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أنت سيدنا وذو الطول علينا . فقال : " مه مه ، قولوا بقولكم ولا يستجرئنكم الشيطان ، السيد الله ، السيد الله " وقال الزبير بن بكار : حدثتني فاطمة بنت عبد العزيز بن مؤملة ، عن أبيها ، عن جدها مؤملة بن جميل ، قال : أتى عامر بن الطفيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عامر أسلم . قال أسلم على أن الوبر لي ولك المدر . قال : يا عامر أسلم . فأعاد قوله . قال : لا . فولى وهو يقول : يا محمد ، لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا ، ولأربطن بكل نخلة فرسا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم اكفني عامرا واهد قومه " فخرج حتى إذا كان بظهر المدينة صادف امرأة يقال لها سلولية ، فنزل عن فرسه ونام في بيتها ، فأخذته غدة في حلقه ، فوثب على فرسه ، وأخذ رمحه ، وجعل يجول ، ويقول : غدة كغدة البكر ، وموت في بيت سلولية . فلم تزل تلك حاله حتى سقط ميتا .

                                                                                      وقال ابن إسحاق : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني عامر ، فيهم : عامر بن الطفيل ، وأربد بن قيس ، وخالد بن جعفر ، وحيان بن أسلم ، وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم . فقدم عامر عدو الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يغدر به . فقال له قومه : إن الناس قد أسلموا . فقال : قد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي ، فأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش ؟ ثم قال لأربد : إذا قدمنا عليه فإني شاغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف .

                                                                                      فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر : يا محمد ، خالني . [ ص: 273 ] فقال : لا والله ، حتى تؤمن بالله وحده ، فقال : والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا . فلما ولى قال : " اللهم اكفني عامرا " ثم قال لأربد : أين ما أمرتك به ؟ قال : لا أبا لك ، والله ما هممت بالذي أمرتني به من مرة إلا دخلت بيني وبينه ، أفأضربك بالسيف ؟ فبعث الله ببعض الطريق على عامر الطاعون في عنقه ، فقتله الله في بيت امرأة من سلول . وأما الآخر فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة أحرقتهما
                                                                                      .

                                                                                      وقال همام ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة : حدثني أنس ، قال : كان رئيس المشركين عامر بن الطفيل ، وكان أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أخيرك بين ثلاث خصال ; يكون لك أهل السهل ويكون لي أهل المدر ، أو أكون خليفتك من بعدك ، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء .

                                                                                      قال : فطعن في بيت امرأة ، فقال : غدة كغدة البكر في بيت امرأة من بني فلان ، ائتوني بفرسي . فركب فمات على ظهر فرسه
                                                                                      . أخرجه البخاري .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية