الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وافد بني سعد

                                                                                      قال ابن إسحاق ، عن محمد بن الوليد ، عن كريب ، عن ابن عباس : بعثت بنو سعد بن بكر ، ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان جلدا أشعر ذا غديرتين ، فأقبل حتى وقف فقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟ فقال : أنا . فقال : أنت محمد ؟ قال : " نعم " قال : إني سائلك ومغلظ عليك في المسألة ، فلا تجدن في نفسك . أنشدك الله [ ص: 274 ] إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك ، آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئا ، وأن نخلع هذه الأنداد ؟ قال : " اللهم نعم " قال : فأنشدك الله إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك ، آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس ؟ قال : " نعم " ثم جعل يذكر فرائض الإسلام ينشده عند كل فريضة . ثم قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وسأؤدي هذه الفرائض ، وأجتنب ما نهيتني عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص .

                                                                                      ثم انصرف إلى بعيره راجعا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة " فقدم على قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم به أن قال : باست اللات والعزى . قالوا : مه يا ضمام ، اتق البرص ، اتق الجنون . قال : ويلكم ، إنهما والله لا يضران ولا ينفعان . إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه .

                                                                                      قال : فوالله ما أمسى ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما
                                                                                      .

                                                                                      قال : يقول ابن عباس : فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام .

                                                                                      وقال إسحاق بن أبي إسرائيل المروزي : حدثني حمزة بن الحارث بن عمير ، قال : حدثنا أبي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، قال : جاء رجل من أهل البادية إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أنشدك برب من قبلك ورب من بعدك ، آلله أرسلك ؟ وذكر الحديث ، وفيه : فإني قد آمنت وصدقت ، وأنا ضمام بن ثعلبة . فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 275 ] " فقه الرجل " قال : فكان عمر يقول : ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام بن ثعلبة . الحارث بن عمير ضعيف ، وقصة ضمام في الصحيحين من حديث أنس .

                                                                                      قال ابن إسحاق : وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارود بن عمرو أخو بني عبد القيس - قال عبد الملك بن هشام : وكان نصرانيا - فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام . فقال : يا محمد ، تضمن لي ديني ؟ قال : " نعم ، قد هداك الله إلى ما هو خير منه " قال : فأسلم ، وأسلم أصحابه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية