الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ثم قدم وفد طيء ، على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيهم زيد الخيل سيدهم ، فأسلموا ، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير ، وقطع له فيد وأرضين ، وخرج راجعا إلى قومه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ينج زيد من حمى المدينة " فإنه يقال قد سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم غير الحمى ، فلم نثبته . فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه ، يقال له قردة ، أصابته [ ص: 279 ] الحمى فمات بها . قال : فعمدت امرأته إلى ما معه من كتب فحرقتها .

                                                                                      وقال شعبة : حدثنا سماك بن حرب ، قال : سمعت عباد بن حبيش ، يحدث عن عدي بن حاتم ، قال : جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بعقرب ، فأخذوا عمتي وناسا . فلما أتوا بهم رسول الله ، قالت : يا رسول الله ، غاب الوافد ، وانقطع الولد ، وأنا عجوز كبيرة ، فمن علي من الله عليك . قال : " من وافدك " ؟ قالت : عدي بن حاتم . قال : " الذي فر من الله ورسوله " ؟ قالت : فمن علي ، ورجل إلى جنبه تراه عليا ، فقال : سليه حملانا . فأمر لها به . قال : فأتتني ، فقالت : لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها . إيته راغبا أو راهبا ، فقد أتاه فلان فأصاب منه ، وأتاه فلان فأصاب منه .

                                                                                      قال عدي : فأتيته ، فإذا عنده امرأة وصبيان ; أو صبي ، فذكر قربهم من النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر ، فأسلمت . فرأيت وجهه قد استبشر ، وقال : " إن المغضوب عليهم اليهود ، والضالين النصارى
                                                                                      " وذكر باقي الحديث .

                                                                                      وقال حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد ، قال : قال أبو عبيدة بن حذيفة ، قال رجل : كنت أسأل عن حديث عدي وهو إلى جنبي لا أسأله ، فأتيته ، فقال : بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فكرهته أشد ما كرهت شيئا قط . فخرجت حتى أقصى أرض العرب مما يلي الروم . ثم كرهت مكاني فقلت : لو أتيته وسمعت منه . فأتيت إلى المدينة ، فاستشرفني الناس ; وقالوا : جاء عدي بن حاتم ، جاء عدي بن حاتم . فقال : يا عدي بن حاتم ، أسلم تسلم فقلت : إني على دين . قال : " أنا أعلم بدينك منك ، ألست ركوسيا ؟ " قلت : بلى . قال : " ألست ترأس [ ص: 280 ] قومك ؟ " قلت : بلى . قال : " ألست تأخذ المرباع ؟ " قلت : بلى . قال : " فإن ذلك لا يحل في دينك " قال : فوجدت بها علي غضاضة ثم قال : " إنه لعله أن يمنعك أن تسلم أن ترى بمن عندنا خصاصة ، وترى الناس علينا إلبا واحدا . هل رأيت الحيرة ؟ " قلت : لم أرها ، وقد علمت مكانها . قال : " فإن الظعينة سترحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت بغير جوار ، ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز " قلت : كنوز كسرى بن هرمز ؟ قال : " نعم ؛ وليفيضن المال حتى يهم الرجل من يقبل ماله منه صدقة " قال : فلقد رأيت الظعينة ترحل من الحيرة بغير جوار ، وكنت في أول خيل أغارت على المدائن . ووالله لتكونن الثالثة ، إنه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروى نحوه هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي عبيدة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية