الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله جملة ( له معقبات ) إلى آخرها ، يجوز أن تكون متصلة بـ ( من ) الموصولة من قوله من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار . على أن الجملة خبر ثان عن ( من أسر القول ) وما عطف عليه .

والضمير في ( له ) والضمير المنصوب في ( يحفظونه ) ، وضميرا ( من بين يديه ومن خلفه ) جاءت مفردة ; لأن كلا منها عائد إلى أحد أصحاب تلك الصلاة حيث إن ذكرهم ذكر أقسام من الذين جعلوا سواء في علم الله تعالى ، أي لكل من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار معقبات يحفظونه من غوائل تلك الأوقات .

ويجوز أن تتصل الجملة بـ ( من هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) ، وإفراد الضمير لمراعاة عطف صلة على صلة دون 7 إعادة الموصول . والمعنى كالوجه الأول .

والمعقبات جمع معقبة بفتح العين وتشديد القاف مكسورة اسم فاعل عقبه إذا تبعه . وصيغة التفعيل فيه للمبالغة في العقب . يقال : عقبه إذا اتبعه واشتقاقه من العقب بفتح فكسر وهو اسم لمؤخر الرجل فهو فعل مشتق من الاسم الجامد ; لأن الذي يتبع غيره كأنه يطأ على عقبه ، والمراد : ملائكة معقبات . والواحد معقب . وإنما جمع جمع مؤنث بتأويل الجماعات .

[ ص: 101 ] والحفظ : المراقبة ، ومنه سمي الرقيب حفيظا ، والمعنى : يراقبون كل أحد في أحواله من إسرار وإعلان ، وسكون وحركة ، أي في أحوال ذلك ، قال تعالى وإن عليكم لحافظين .

و ( من بين يديه ومن خلفه ) مستعمل في معنى الإحاطة من الجهات كلها . وقوله ( من أمر الله ) صفة ( معقبات ) ، أي جماعات من جند الله وأمره ، كقوله تعالى ( قل الروح من أمر ربي ) وقوله ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) يعني القرآن .

ويجوز أن يكون الحفظ على الوجه المراد به الوقاية والصيانة ، أي يحفظون من هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ، أي يقونه أضرار الليل من اللصوص وذوات السموم ، وأضرار النهار نحو الزحام والقتال ، فيكون ( من أمر الله ) جارا ومجرورا لغوا متعلقا بـ ( يحفظونه ) ، أي يقونه من مخلوقات الله . وهذا منة على العباد بلطف الله بهم وإلا لكان أدنى شيء يضر بهم . قال تعالى الله لطيف بعباده .

التالي السابق


الخدمات العلمية