الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون عطف على جملتي التوبيخ ، وهو مزيد من التوبيخ ، فإن الجملتين المعطوف عليها أفادتها توبيخا على إيمانهم بالآلهة الباطل ، وكفرانهم بنعمة المعبود الحق .

وهذه الجملة المعطوفة أفادت التوبيخ على شكر ما لا يستحق الشكر ، فإن العبادة شكر ، فهم عبدوا ما لا يستحق العبادة ، ولا بيده نعمة ، وهو الأصنام ; لأنها لا تملك ما يأتيهم من الرزق لاحتياجها ، ولا تستطيع رزقهم لعجزها ، فمفاد هذه الجملة مؤكد لمفاد ما قبلها مع اختلاف الاعتبار بموجب التوبيخ في كلتيهما .

وملك الرزق القدرة على إعطائه . والملك يطلق على القدرة ، كما تقدم في قوله تعالى قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم في سورة العقود ، والرزق هنا مصدر منصوب على المفعولية ، أي لا يملك أن يرزق .

و ( من ) في من السماوات والأرض ابتدائية ، أي رزقا موصوفا بوروده من السماوات والأرض .

و ( شيئا ) مبالغة في المنفي ، أي ولا يملكون جزاء قليلا من الرزق ، وهو منصوب على البدلية من ( رزقا ) ، فهو في معنى المفعول به كأنه قيل : لا يملك لهم شيئا من الرزق .

[ ص: 222 ] ولا يستطيعون عطف على يملك ، فهو من جملة صلة ( ما ) ، فضمير الجمع عائد إلى ( ما ) الموصولة باعتبار دلالتها على جماعة الأصنام المعبودة لهم ، وأجريت عليها صيغة جمع العقلاء ; مجاراة لاعتقادهم أنها تعقل وتشفع وتستجيب .

وحذف مفعول يستطيعون لقصد التعميم ، أي لا يستطيعون شيئا ; لأن تلك الأصنام حجارة لا تقدر على شيء ، والاستطاعة : القدرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية