الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا

لما أبر الله وعد نبيه صلى الله عليه وسلم الذي وعده المشركين أن يبين لهم أمر أهل الكهف فأوحاه إليه ، وأوقفهم عليه ، أعقب ذلك بعتابه على [ ص: 299 ] التصدي لمجاراتهم في السؤال عما هو خارج عن غرض الرسالة دون إذن من الله ، وأمره أن يذكر نهي ربه ، ويعزم على تدريب نفسه على إمساك الوعد ببيان ما يسأل منه بيانه دون أن يأذنه الله به ، أمره هنا أن يخبر سائليه بأنه ما بعث للاشتغال بمثل ذلك ، وأنه يرجو أن الله يهديه إلى ما هو أقرب إلى الرشد من بيان أمثال هذه القصة ، وإن كانت هذه القصة تشتمل على موعظة وهدى ، ولكن الهدى الذي في بيان الشريعة أعظم وأهم ، والمعنى : وقل لهم عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا .

وجملة وقل عسى أن يهديني إلخ معطوفة على جملة فلا تمار فيهم ، ويجوز أن تكون جملة وقل عسى أن يهديني ربي عطفا على جملة واذكر ربك إذا نسيت ، أي اذكر أمره ونهيه وقل في نفسك : عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا ، أي ادع الله بهذا .

وانتصب " رشدا " على تمييز نسبة التفضيل من قوله لأقرب من هذا ويجوز أن يكون منصوبا على أنه مفعول مطلق مبين لنوع فعل " أن يهديني " ; لأن الرشد نوع من الهداية .

فـ " عسى " مستعملة في الرجاء تأدبا ، واسم الإشارة عائد إلى المذكور من قصة أهل الكهف بقرينة وقوع هذا الكلام معترضا في أثنائها .

ويجوز أن يكون المعنى : وارج من الله أن يهديك فيذكرك أن لا تعد وعدا ببيان شيء دون إذن الله .

والرشد بفتحتين : الهدى والخير ، وقد تقدم القول فيه عند قوله تعالى في هذه السورة وهيئ لنا من أمرنا رشدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية