الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل عطف على جملة ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده ، وهذا تفصيل وبيان لما أجمل في الآيتين المعطوف عليهما وهما قوله : ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص وقوله : ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده .

والمعنى : أنهم لا يجدون محيصا ولا وليا ، فلا يجدون إلا الندامة على ما فات فيقولوا هل إلى مرد من سبيل .

[ ص: 125 ] والاستفهام بحرف ( هل ) إنكاري في معنى النفي ، فلذلك أدخلت ( من ) الزائدة على ( سبيل ) لأنه نكرة في سياق النفي .

والمرد : مصدر ميمي للرد ، والمراد بالرد : الرجوع ، يقال : رده : إذا أرجعه .

ويجوز أن يكون ( مرد ) بمعنى الدفع ، أي هل إلى رد العذاب عنا الذي يبدو لنا سبيل حتى لا نقع فيه ، فهو في معنى إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع في سورة الطور .

والخطاب في ( ترى ) لغير معين ، أي تناهت حالهم في الظهور فلا يختص به مخاطب ، أو الخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم تسلية له على ما لاقاه منهم من التكذيب .

والمقصود : الإخبار بحالهم أولا ، والتعجيب منه ثانيا ، فلم يقل : والظالمون لما رأوا العذاب يقولون ، وإنما قيل : وترى الظالمين للاعتبار بحالهم .

ومجيء فعل رأوا العذاب بصيغة الماضي للتنبيه على تحقيق وقوعه ، فالمضي مستعار للاستقبال تشبيها للمستقبل بالماضي في التحقق ، والقرينة فعل ( ترى ) الذي هو مستقبل ؛ إذ ليست الرؤية المذكورة بحاصلة في الحال فكأنه قيل : لما يرون العذاب .

وجملة ( يقولون ) حال من الظالمين ؛ أي تراهم قائلين ، فالرؤية مقيدة بكونها في حال قولهم ذلك ، أي في حال سماع الرائي قولهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية