الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الجواب السادس : عن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - هو حمل لفظ الثلاث في الحديث على أن المراد بها البتة كما قدمنا في حديث ركانة ، وهو من رواية ابن عباس أيضا ، قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " بعد أن ذكر هذا الجواب ما نصه : وهو قوي ويؤيده إدخال البخاري في هذا الباب ، الآثار التي فيها البتة ، والأحاديث التي فيها التصريح بالثلاث ، كأنه يشير إلى عدم الفرق بينهما ، وأن البتة إذا أطلقت حمل على الثلاث إلا إن أراد المطلق واحدة فيقبل ، فكأن بعض رواته حمل لفظ البتة على الثلاث ; لاشتهار التسوية بينهما ، فرواها بلفظ الثلاث . وإنما المراد لفظة البتة ، وكانوا في العصر الأول يقبلون ممن قال أردت بالبتة واحدة ، فلما كان عهد عمر أمضى الثلاث في ظاهر الحكم . اهـ من " فتح الباري " بلفظه ، وله وجه من النظر كما لا يخفى ، وما يذكره كل ممن قال بلزوم الثلاث دفعة ، ومن قال بعدم لزومها من الأمور النظرية ليصحح به كل مذهبه ، لم نطل به الكلام ; لأن الظاهر سقوط ذلك كله ، وأن هذه المسألة إن لم يمكن [ ص: 133 ] تحقيقها من جهة النقل فإنه لا يمكن من جهة العقل ، وقياس أنت طالق ثلاثا على أيمان اللعان في أنه لو حلفها بلفظ واحد لم تجز ، قياس مع وجود الفارق ; لأن من اقتصر على واحدة من الشهادات الأربع المذكورة في آية اللعان أجمع العلماء على أن ذلك كما لو لم يأت بشيء منها أصلا ، بخلاف الطلقات الثلاث فمن اقتصر على واحدة منها اعتبرت إجماعا ، وحصلت بها البينونة بانقضاء العدة إجماعا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية