الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله - تعالى - : فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 30 ] قوله - تعالى - : فإن استكبروا ، أي فإن تكبر الكفار عن توحيد الله والسجود له وحده ، وإخلاص العبادة له ( فالذين عند ربك ) وهم الملائكة ( يسبحون له بالليل ) أي يعبدونه وينزهونه دائما ليلا ونهارا ( وهم لا يسأمون ) أي لا يملون من عبادة ربهم ; لاستلذاذهم لها وحلاوتها عندهم ، مع خوفهم منه - جل وعلا - كما قال - تعالى - : ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته [ 13 \ 13 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد دلت هذه الآية الكريمة من سورة " فصلت " على أمرين :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : أن الله - جل وعلا - إن كفر به بعض خلقه ، فإن بعضا آخر من خلقه يؤمنون به ويطيعونه كما ينبغي ، ويلازمون طاعته دائما بالليل والنهار .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني منهما : أن الملائكة يسبحون الله ويطيعونه دائما لا يفترون عن ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وهذان الأمران اللذان دلت عليهما هذه الآية الكريمة - قد جاء كل منهما موضحا في غير هذا الموضع .

                                                                                                                                                                                                                                      أما الأول منهما : فقد ذكره - جل وعلا - في قوله : فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين [ 6 \ 89 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الثاني منهما : فقد أوضحه - تعالى - في آيات من كتابه ، كقوله - تعالى - في " الأنبياء " : وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون [ 21 \ 19 - 20 ] وقوله - تعالى - في آخر " الأعراف " إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون [ 7 \ 206 ] إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : وهم لا يسأمون أي لا يملون ، والسآمة : الملل ، ومنه قول زهير :

                                                                                                                                                                                                                                      سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسأم



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية