الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 89 ] إعادة هذه الآية تأكيد على معنى الآية الأولى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لمن كان يرجو الله واليوم الآخر يفسره ما تقدم من قوله : إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي [ 60 \ 1 ] ؛ لأنها تساويها في الماصدق ، وهنا جاء بهذا اللفظ ليدل على العموم ، وتكون قضية عامة فيما بعد لكل من يرجو الله واليوم الآخر ، أن يتأسى بإبراهيم - عليه السلام - والذين معه في موقفهم المتقدم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد ، التولي هنا الإعراض عن أوامر الله عموما .

                                                                                                                                                                                                                                      وهنا يحتمل تولي الكفار وموالاتهم ، فإن الله غني عنه حميد .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس : كمل في غناه ، ومثله قوله تعالى : فكفروا وتولوا واستغنى الله [ 64 \ 6 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد جاء بيان استغناء الله عن طاعة الطائعين عموما وخصوصا فجاء في خصوص الحج : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين [ 3 \ 97 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وجاء في العموم قوله تعالى : إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد [ 14 \ 8 ] ؛ لأن أعمال العباد لأنفسهم ، كما قال تعالى : ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين [ 29 \ 6 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وكما في الحديث القدسي : " لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد بين تعالى غناه المطلق بقوله : لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد [ 31 \ 26 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية