الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( 2 ) أنواع الصدقات وعروض التجارة منها :

                          ذكرنا في أول تفسير الآية أن أنواع الصدقات : زكاة النقدين ، وزكاة الأنعام ، وزكاة الزروع ، وزكاة المعدن والركاز ، وهو ما يوجد في الأرض من الكنوز المدفونة ، ولكل منها نصاب لا تجب الزكاة فيما دونه ، وهو مبين في كتب السنة والفقه ، ولعلنا نذكره في تفسير خذ من أموالهم صدقة ( 103 ) وجمهور علماء الملة يقولون بوجوب زكاة عروض التجارة ، وليس فيها نص قطعي من الكتاب أو السنة ، وإنما ورد فيها روايات يقوي بعضها بعضا مع الاعتبار المستند إلى النصوص ، وهو أن عروض التجارة المتداولة للاستغلال نقود لا فرق بينها وبين الدراهم والدنانير التي هي أثمانها إلا في كون النصاب يقلب ويتردد بين الثمن وهو النقد ، والمثمن وهو العروض ، فلو لم تجب الزكاة في التجارة لأمكن لجميع الأغنياء أو أكثرهم أن يتجروا بنقودهم ، ويتحروا ألا يحول على نصاب من النقدين أبدا . وبذلك تبطل الزكاة فيهما عندهم .

                          ورأس الاعتبار في المسألة : أن الله تعالى فرض في أموال الأغنياء صدقة لمواساة الفقراء ومن في معناهم ، وإقامة المصالح العامة التي تقدم بيانها . وأن الفائدة في ذلك للأغنياء تطهير أنفسهم من رذيلة البخل ، وتزكيتها بفضائل الرحمة بالفقراء وسائر أصناف المستحقين ، ومساعدة الدولة والأمة في إقامة المصالح العامة الأخرى التي تقدم ذكرها ، والفائدة للفقراء وغيرهم إعانتهم على نوائب الدهر - مع ما في ذلك من سد ذريعة المفاسد في تضخم الأموال وحصرها في أناس معدودين ، وهو المشار إليه بقوله تعالى في حكمة قسمة الفيء : كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ( 59 : 7 ) فهل يعقل أن يخرج من هذه المقاصد الشرعية كلها التجار الذين ربما تكون معظم ثروة الأمة في أيديهم ؟ وسنذكر سائر فوائد الزكاة ومنافعها العامة والخاصة في تفسير آية : خذ من أموالهم صدقة ( 103 ) إن شاء الله تعالى .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية