الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          الباب الرابع

                          في البعث والجزاء ، ونلخص آياته في بضعة أنواع

                          ( 1 ) الآية الرابعة ذكر رجوع الناس جميعا إلى الله ربهم الذي يبدأ الخلق بأجناسه وأنواعه المختلفة ، ثم يعيده ليجزي المؤمنين الصالحين بالقسط ، والكافرين بما ذكره إجمالا ، وبينا في تفسيرها كونه بالقسط أيضا كما ترى بيانه في النوع الرابع ، وكون جزاء المؤمنين يضاعف كما ذكر في غيرها .

                          ( 2 ) في الآيات 7 - 11 تفصيل لجزاء الفريقين ، مع تعليل طبيعي عقلي لتأثير الإيمان والكفر في الأنفس ، وفاقا للقاعدة التي قررناها مرارا من أن جزاء الآخرة أثر لازم لسيرتها في الدنيا ، بجعلها أهلا بطبعها وصفاتها لجوار الله ورضوانه أو لسخطه .

                          ( 3 ) في الآيات 24 - 30 تفصيل آخر موضح بضرب المثل ، فيه تصريح بالزيادة في جزاء المحسنين عما يستحقون ، وكون جزاء المسيئين بالمثل ، وكون كل نفس تبلو في الآخرة ما أسلفت في الدنيا ، لا ينفع أحد أحدا بنفسه ولا بعمله .

                          ( 4 ) في الآيات 45 - 56 سياق رابع مفتتح بالتذكير بيوم الحشر ، وتقدير الناس لمدة لبثهم في الدنيا بساعة من النهار ، وخسران المكذبين بلقاء الله ، وتأكيد وعد الله به ، واستبطائهم له ، واستعجالهم به ، واستنبائهم الرسول : أحق هو ؟ وحالهم عند وقوعه ، وتمنيهم الافتداء منه بكل ما في الأرض ، وإسرارهم الندامة عند رؤية العذاب ، والقضاء بينهم بالقسط ( وهم لا يظلمون ) وهذا الأخير في الآيتين 47 و 54 .

                          ( 5 ) في الآيات 62 - 64 ذكر أولياء الله وهم المؤمنون المتقون ، ( وأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ، وأن لهم البشرى في الدنيا والآخرة .

                          ( 6 ) في الآيتين 69 و 70 ذكر المفترين على الله وكونهم لا يفلحون ، لهم متاع قليل في الدنيا ، ثم إن مرجعهم إلى الله فيذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون .

                          ( 7 ) في الآية 93 عقب قصة موسى مع فرعون وملئه ونجاة بني إسرائيل بعد هلاكهم ، [ ص: 413 ] أن بني إسرائيل ما اختلفوا حتى جاءهم العلم ، وأن الله يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون .

                          إذا عددت هذه الآيات التي أشرنا إليها في البعث والجزاء وجدتها تبلغ زهاء الثلث من هذه السورة ، ولكنك لا تشعر عندما تقرأ السورة أنك تكرر معنى واحدا فيها يبلغ هذا القدر منها ، وإنما يستقر هذا المعنى في قلبك ويملؤه إيمانا بلقاء الله تعالى ، والخوف من حسابه وعقابه ، والرجاء في عفوه ورحمته وثوابه ، وما كان التكرار إلا لأجل هذا ، فهل يستطيع أبلغ البشر أن يأتي بكلام كهذا ؟ لا لا .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية