الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( الفصل الثاني : في صفاته - تعالى - ) :

                          في السورة من صفات الذات والأفعال : الحكيم الخبير العليم القدير الوكيل الغفور الرحيم الحفيظ القريب المجيب القوي العزيز الرقيب الودود البصير ، فمنها ما وصف به - تعالى - مفردا ، وما وصف به مقترنا بغيره ، وما اتصل بمتعلقه ، ولكل منها أتم المناسبة لموضوعه في موضعه ، مما يذكر المتدبر له بتدبيره - تعالى - لأمور عباده ، ويزيده إيمانا بمعرفة جلاله وجماله ، وكماله في صفاته وأفعاله ، ورحمته وإحسانه للمحسنين ، وتربيته وعقابه للمجرمين والظالمين ، وحسبك شاهدا عليه في نفسك تدبر إحاطة علمه - تعالى - بما تسر وتعلن في الآية الخامسة : - ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور - فلا تغفلن عن هذه المعاني أيها التالي للقرآن أو المستمع له فيفوتك من العرفان وغذاء الإيمان ، ما أنت في أشد الحاجة إليه لتزكية نفسك ، التي هي أقرب الوسائل لفلاحك وسعادتك ، فإن تأمل هذه الأسماء في مواضعها من بيان شئونه - تعالى - في العباد ، أقوى تفقيها في الدين وتكميلا للعرفان من تكرار الاسم الواحد مرارا كثيرة كما يفعل المتصوفة المرتاضون ، ومقلدتهم المرتزقون ، وهو غير مشروع خلافا لما زعمه المتأولون لقوله - تعالى - : - قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون - 6 : 91 فاسم الجلالة هنا مبتدأ لجملة في جواب سؤال حذف خبره لدلالة ما قبله عليه ، وهو قوله - تعالى - : - قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى 6 : 91 إلخ . والمعنى : قل الله هو الذي أنزله ، فهو ليس اسما مفردا يكرر تعبدا .

                          ومثله تأولهم لحديث : " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله " رواه أحمد [ ص: 167 ] ومسلم والترمذي عن أنس ، ولفظ الجلالة فيه مرفوع على أنه مبتدأ حذف خبره للعلم به من القرينة ، والمعنى - حتى لا يقال : الله فعل كذا ، الله أمات وأحيا مثلا ، لذهاب الإيمان به - تعالى - ، والاسم المفرد في ذكرهم يكررونه بالسكون لا يقصد به معنى جملة ، وإنما يقصد به حصر التوجه وجمع الهمة بما جربه الرياضيون ، وجهله المقلدون .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية