الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 217 ] ( الفائدة الثانية من فوائد الطهارة الذاتية ) : ما أشرنا إليه من كونها ركن الصحة البدنية ، وبيان ذلك : أن الوسخ والقذارة مجلبة الأمراض والأدواء الكثيرة ، كما هو ثابت في الطب ; ولذلك نرى الأطباء ورجال الحكومات الحضرية ، يشددون في أيام الأوبئة والأمراض المعدية - بحسب سنة الله تعالى في الأسباب - في الأمر بالمبالغة في النظافة ، وجدير بالمسلمين أن يكونوا أصلح الناس أجسادا ، وأقلهم أدواء وأمراضا ; لأن دينهم مبني على المبالغة في نظافة الأبدان والثياب والأمكنة ; فإزالة النجاسات والأقذار التي تولد الأمراض من فروض دينهم ، وزاد عليها إيجاب تعهد أطرافهم بالغسل كل يوم مرة أو مرارا ; إذ ناطه الشارع بأسباب تقع كل يوم ، وتعاهد أبدانهم كلها بالغسل كل عدة أيام مرة ، فإذا هم أدوا ما وجب عليهم من ذلك ، تنتفي أسباب تولد جراثيم الأمراض عندهم ، ومن تأمل تأكيد سنة السواك ، وعرف ما يقاسيه الألوف والملايين من الناس من أمراض الأسنان ، كان له بذلك أكبر عبرة ، ومن دقائق موافقة السنة في الوضوء لقوانين الصحة - غير تقديم السواك عليه - تأكيد البدء بغسل الكفين ثلاث مرات ، وهذا ثابت في كل وضوء ، فهو غير الأمر بغسلهما لمن قام من النوم ؛ ذلك بأن الكفين اللتين تزاول بهما الأعمال يعلق بهما من الأوساخ الضارة وغير الضارة ما لا يعلق بسواهما ، فإذا لم يبدأ بغسلهما يتحلل ما يعلق بهما فيقع في الماء الذي به يتمضمض المتوضئ ويستنشق ، ويغسل وجهه وعينيه ، فلا يأمن أن يصيبه من ذلك ضرر مع كونه ينافي النظافة المطلوبة ، ومن حكمة تقديم المضمضة والاستنشاق على غسل جميع الأعضاء اختبار طعم الماء وريحه ، فقد يجد فيه تغيرا يقتضي ترك الوضوء به .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية