الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

                                                                                                                                                                                                                                      الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      هو معطوف على يؤمنون والإقامة في الأصل : الدوام [ ص: 27 ] والثبات .

                                                                                                                                                                                                                                      يقال : قام الشيء : أي دام وثبت .

                                                                                                                                                                                                                                      وليس من القيام على الرجل ، وإنما هو من قولك قام الحق : أي ظهر وثبت ، قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                      وقامت الحرب بنا على ساق

                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر :

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا يقال أقيموا لم تبرحوا     حتى تقيم الخيل سوق طعان

                                                                                                                                                                                                                                      وإقامة الصلاة أداؤها بأركانها وسننها وهيئاتها في أوقاتها .

                                                                                                                                                                                                                                      والصلاة أصلها في اللغة : الدعاء من صلى يصلي إذا دعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر هذا الجوهري وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قوم : هي مأخوذة من الصلا ، وهو عرق في وسط الظهر ويفترق عند العجب .

                                                                                                                                                                                                                                      ومنه أخذ المصلي في سبق الخيل ؛ لأنه يأتي في الحلبة ورأسه عند صلوي السابق ، فاشتقت منه الصلاة لأنها ثانية للإيمان فشبهت بالمصلي من الخيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وإما لأن الراكع يثني صلويه ، والصلا مغرز الذنب من الفرس والاثنان صلوان ، والمصلي تالي السابق لأن رأسه عند صلوه .

                                                                                                                                                                                                                                      ذكر هذا القرطبي في تفسيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر المعنى الثاني في الكشاف ، هذا المعنى اللغوي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما المعنى الشرعي فهو هذه الصلاة التي هي ذات الأركان والأذكار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد اختلف أهل العلم هل هي مبقاة على أصلها اللغوي أو موضوعة وضعا شرعيا ابتدائيا .

                                                                                                                                                                                                                                      فقيل : بالأول ، وإنما جاء الشرع بزيادات هي الشروط والفروض الثابتة فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قوم : بالثاني .

                                                                                                                                                                                                                                      والرزق عند الجمهور ما صلح للانتفاع به حلالا كان أو حراما خلافا للمعتزلة .

                                                                                                                                                                                                                                      فقالوا : إن الحرام ليس برزق ، وللبحث في هذه المسألة موضع غير هذا .

                                                                                                                                                                                                                                      والإنفاق : إخراج المال من اليد ، وفي المجيء بمن التبعيضية هاهنا نكتة سرية هي الإرشاد إلى ترك الإسراف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن إسحاق عن ابن عباس في قوله : يقيمون الصلاة قال : الصلوات الخمس ومما رزقناهم ينفقون قال : زكاة أموالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أن إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها ومما رزقناهم ينفقون قال : أنفقوا في فرائض الله التي افترض عليهم في طاعته وسبيله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله : ومما رزقناهم ينفقون قال : هي نفقة الرجل على أهله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : كانت النفقات قربات يتقربون بها إلى الله عز وجل على قدر ميسورهم وجهدهم حتى نزلت فرائض الصدقات في سورة براءة هن الناسخات المبينات .

                                                                                                                                                                                                                                      واختار ابن جرير أن الآية عامة في الزكاة والنفقات ، وهو الحق من غير فرق بين النفقة على الأقارب وغيرهم وصدقة الفرض والنفل ، وعدم التصريح بنوع من الأنواع التي يصدق عليها مسمى الإنفاق يشعر أتم إشعار بالتعميم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية