الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
الثامن : خطاب المدح . نحو : ياأيها الذين آمنوا ( البقرة : 104 ) وهذا وقع خطابا لأهل المدينة الذين آمنوا وهاجروا ، تمييزا لهم عن أهل مكة ، وقد سبق أن كل آية فيها : ياأيها الناس ( البقرة : 21 ) لأهل مكة ، وحكمة ذلك أنه يأتي بعد ياأيها الناس الأمر بأصل الإيمان ، ويأتي بعد ياأيها الذين آمنوا الأمر بتفاصيل الشريعة ، وإن جاء بعدها الأمر بالإيمان كان من قبيل الأمر بالاستصحاب .

وقوله - تعالى - : وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون ( النور : 31 ) قيل يرد الخطاب بذلك باعتبار الظاهر عند المخاطب ؛ وهم المنافقون ؛ فإنهم كانوا يتظاهرون بالإيمان ، كما قال - سبحانه - : قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ( المائدة : 41 ) . وقد جوز الزمخشري في تفسير سورة المجادلة في قوله - تعالى - : ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم ( الآية : 12 ) [ ص: 358 ] أن يكون خطابا للمنافقين الذين آمنوا بألسنتهم ، وأن يكون للمؤمنين .

ومن هذا النوع الخطاب بـ ياأيها النبي ( الأنفال : 64 ) ، ياأيها الرسول ( المائدة : 41 ) ولهذا تجد الخطاب بالنبي في محل لا يليق به الرسول ، وكذا عكسه ، كقوله في مقام الأمر بالتشريع العام : ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ( المائدة : 67 ) وفي مقام الخاص : ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ( التحريم : 1 ) ومثله : إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ( الأحزاب : 50 ) .

وتأمل قوله : لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( الحجرات : 1 ) في مقام الإقتداء بالكتاب والسنة ثم قال : لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ( الحجرات : 2 ) فكأنه جمع له المقامين : معنى النبوة والرسالة ، تعديدا للنعم في الحالين .

وقريب منه في المضاف إلى الخاص : يانساء النبي لستن كأحد من النساء ( الأحزاب : 32 ) ولم يقل يا نساء الرسول لما قصد اختصاصهن عن بقية الأمة .

وقد يعبر بالنبي في مقام التشريع العام ، لكن مع قرينة إرادة التعميم كقوله : ياأيها النبي إذا طلقتم النساء ( الطلاق : 1 ) ولم يقل " طلقت " .

التالي السابق


الخدمات العلمية