الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة : الأولى أن يقرأ على ترتيب المصحف : قال في شرح المهذب : لأن ترتيبه لحكمة ، فلا يتركها إلا فيما ورد فيه الشرع ، كصلاة صبح يوم الجمعة ب الم تنزيل و هل أتى ونظائره ، فلو فرق السور أو عكسها جاز وترك الأفضل .

قال : وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فمتفق على منعه ، لأنه يذهب بعض نوع الإعجاز ، ويزيل حكمة الترتيب .

قلت : وفيه أثر ، أخرج الطبراني بسند جيد ، عن ابن مسعود : أنه سئل عن رجل يقرأ [ ص: 358 ] القرآن منكوسا ، قال : ذاك منكوس القلب .

وأما خلط سورة بسورة : فعد الحليمي تركه من الآداب ، لما أخرجه أبو عبيد ، عن سعيد بن المسيب : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة ، فقال : يا بلال ، مررت بك وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة .

قال : أخلط الطيب بالطيب .

فقال : اقرأ السورة على وجهها - أو قال - على نحوها . مرسل صحيح ، وهو عند أبي داود موصول عن أبي هريرة بدون آخره .

وأخرجه أبو عبيد من وجه آخر ، عن عمر مولى غفرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال : إذا قرأت السورة فأنفذها .

وقال : حدثنا معاذ عن ابن عون قال : سألت ابن سيرين عن الرجل يقرأ من السورة آيتين ، ثم يدعها ويأخذ في غيرها ؟ . قال : ليتق أحدكم أن يأثم إثما كبيرا وهو لا يشعر .

[ ص: 359 ] وأخرج عن ابن مسعود قال : إذا ابتدأت في سورة ، فأردت أن تتحول منها إلى غيرها فتحول ، إلا قل هو الله أحد . فإذا ابتدأت فيها فلا تتحول منها حتى تختمها .

وأخرج عن ابن أبي الهذيل قال : كانوا يكرهون أن يقرءوا بعض الآية ويدعوا بعضها .

قال أبو عبيد : الأمر عندنا على كراهة قراءة الآيات المختلفة ، كما أنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بلال ، وكما كرهه ابن سيرين .

وأما حديث عبد الله : فوجهه عندي أن يبتدئ الرجل في السورة يريد إتمامها ، ثم يبدو له في أخرى ، فأما من ابتدأ القراءة وهو يريد التنقل من آية إلى آية ، وترك التأليف لآي القرآن ، فإنما يفعله من لا علم له ; لأن الله لو شاء لأنزله على ذلك . انتهى .

وقد نقل القاضي أبو بكر الإجماع على عدم جواز قراءة آية آية من كل سورة .

قال البيهقي : وأحسن ما يحتج به أن يقال : إن هذا التأليف لكتاب الله مأخوذ من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذه عن جبريل ، فالأولى للقارئ أن يقرأه على التأليف المنقول ، وقد قال ابن سيرين : تأليف الله خير من تأليفكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية