الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 454 ] النوع الأربعون

في معرفة معاني الأدوات التي يحتاج إليها المفسر

وأعني بالأدوات الحروف وما شاكلها من الأسماء والأفعال والظروف . اعلم أن معرفة ذلك من المهمات المطلوبة لاختلاف مواقعها ، ولهذا يختلف الكلام والاستنباط بحسبها ، كما في قوله تعالى : وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين [ سبأ : 24 ] فاستعملت ( على ) في جانب الحق ، و ( في ) في جانب الضلال ; لأن صاحب الحق كأنه مستعل يصرف نظره كيف شاء ، وصاحب الباطل كأنه منغمس في ظلام منخفض لا يدري أين يتوجه .

وقوله تعالى : فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف [ الكهف : 19 ] عطف على الجمل الأول بالفاء والأخيرة بالواو ، لما انقطع نظام الترتب; لأن التلطف غير مرتب على الإتيان بالطعام ، كما كان الإتيان به مترتبا على النظر فيه ، والنظر فيه مترتبا على التوجه في طلبه ، والتوجه في طلبه مترتبا على قطع الجدال في المسألة عن مدة اللبث وتسليم العلم له تعالى .

وقوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء [ التوبة : 60 ] الآية . . عدل عن اللام إلى ( في ) في الأربعة الأخيرة إيذانا إلى أنهم أكثر استحقاقا للمتصدق عليهم بمن سبق ذكره باللام ; لأن ( في ) للوعاء ، فنبه باستعمالها على أنهم أحقاء بأن يجعلوا مظنة لوضع الصدقات فيهم ، كما يوضع الشيء في وعائه مستقرا فيه .

وقال الفارسي : إنما قال : وفي الرقاب ، ولم يقل : وللرقاب ، ليدل على أن العبد لا يملك .

وعن ابن عباس قال : الحمد لله الذي قال : عن صلاتهم ساهون [ الماعون : 5 ] ولم يقل : في صلاتهم .

وسيأتي ذكر كثير من أشباه ذلك .

[ ص: 455 ] وهذا سردها مرتبة على حروف المعجم ، وقد أفرد هذا النوع بالتصنيف خلائق من المتقدمين كالهروي في الأزهية ، والمتأخرين كابن أم قاسم في الجنى الداني .

التالي السابق


الخدمات العلمية