الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 566 ] قاعدة : في التذكير والتأنيث :

التأنيث ضربان : حقيقي وغيره :

فالحقيقي : لا تحذف تاء التأنيث من فعله غالبا ; إلا إن وقع فصل ، وكلما كثر الفصل حسن الحذف ، والإثبات مع الحقيقي أولى ، ما لم يكن جمعا .

وأما غير الحقيقي : فالحذف فيه مع الفصل أحسن ، نحو : فمن جاءه موعظة من ربه [ البقرة : 275 ] قد كان لكم آية [ آل عمران : 13 ] فإن كثر الفصل ازداد حسنا ، نحو : وأخذ الذين ظلموا الصيحة [ هود : 67 ] والإثبات أيضا حسن نحو : ( وأخذت الذين ظلموا الصيحة ) [ هود : 94 ] فجمع بينهما في سورة هود .

وأشار بعضهم إلى ترجيح الحذف . واستدل بأن الله قدمه على الإثبات ، حيث جمع بينهما .

ويجوز الحذف أيضا مع عدم الفصل حيث الإسناد إلى ظاهره ، فإن كان إلى ضميره امتنع .

وحيث وقع ضمير أو إشارة بين مبتدإ وخبر ، أحدهما مذكر والآخر مؤنث ، جاز في الضمير والإشارة التذكير والتأنيث كقوله تعالى : قال هذا رحمة من ربي [ الكهف : 98 ] . فذكر والخبر مؤنث ، لتقدم المبتدإ وهو مذكر ، وقوله تعالى : فذانك برهانان من ربك [ القصص : 32 ] ذكر والمشار إليه اليد والعصا ، وهما مؤنثان لتذكير الخبر وهو برهانان .

وكل أسماء الأجناس يجوز فيها التذكير حملا على الجنس ، والتأنيث حملا على الجماعة ، كقوله أعجاز نخل خاوية [ الحاقة : 7 ] أعجاز نخل منقعر [ القمر : 20 ] . إن البقر تشابه علينا [ البقرة : 70 ] وقرئ : ( تشابهت ) . السماء منفطر به [ المزمل : 18 ] . إذا السماء انفطرت [ الانفطار : 1 ] .

وجعل منه بعضهم : جاءتها ريح عاصف [ يونس : 22 ] . ولسليمان الريح عاصفة [ الأنبياء : 81 ] .

وقد سئل : ما الفرق بين قوله تعالى : فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة [ النحل : 36 ] . وقوله فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة [ الأعراف : 30 ] .

وأجيب بأن ذلك لوجهين :

لفظي : وهو كثرة حروف الفاصل في الثاني ، والحذف مع كثرة الحواجز أكثر .

[ ص: 567 ] ومعنوي : وهو أن ( من ) في قوله من حقت راجعة إلى الجماعة ، وهي مؤنثة لفظا ، بدليل : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ثم قال : ومنهم من حقت عليه الضلالة [ النحل : 36 ] أي : من تلك الأمم ، ولو قال : ( ضلت ) لتعينت التاء ، والكلامان واحد ، وإذا كان معناهما واحدا كان إثبات التاء أحسن من تركها ; لأنها ثابتة فيما هو من معناه ، وأما ( فريقا هدى ) . الآية ، فالفريق يذكر ، ولو قال ( فريق ضلوا ) لكان بغير تاء . وقوله : ( حق عليهم الضلالة ) في معناه فجاء بغير تاء وهذا أسلوب لطيف من أساليب العرب أن يدعوا حكم اللفظ الواجب في قياس لغتهم - إذا كان في مرتبة كلمة لا يجب لها ذلك الحكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية