الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                16334 ( أخبرنا ) أبو الحسن : علي بن أحمد بن عبدان ، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار ، ثنا عبيد بن شريك البزار ، ثنا يحيى عن ابن بكير ، ثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، عن عمر - رضي الله عنه - قال : لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول دعي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه ، فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت إليه ، ثم قلت : يا رسول الله ، أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا - أعدد عليه قوله - ؟ فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : " أخر عني يا عمر " . فلما أكثرت عليه . قال : " إني خيرت فاخترت ، لو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها " . فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف ، فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان في براءة : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ) قال : فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ، والله ورسوله أعلم . رواه البخاري في الصحيح ، عن يحيى بن بكير .

                                                                                                                                                ( قال الشافعي ) : فهذا يبين ما قلنا ، فأما أمره - عز وجل - أن لا يصلي عليهم ؛ فإن صلاته - بأبي هو وأمي - مخالفة صلاة غيره ، وأرجو أن يكون قضى إذ أمره بترك الصلاة على المنافقين ، أن لا يصلي على أحد إلا غفر له ، وقضى أن لا يغفر لمقيم على شرك ، فنهاه عن الصلاة على من لا يغفر له ، ولم يمنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة عليهم مسلما ، ولم يقتل منهم بعد هذا أحدا ، وترك الصلاة مباح على من قامت بالصلاة عليه طائفة من المسلمين ، وقد عاشرهم حذيفة ، يعرفهم بأعيانهم ، ثم عاشرهم مع أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - وهم يصلى عليهم ، وكان عمر - رضي الله عنه - إذا وضعت جنازة فرأى حذيفة فإن أشار إليه أن اجلس جلس ، وإن قام معه صلى عليها عمر - رضي الله عنه - . قال : ولم يمنع هو ولا أبو بكر قبله ولا عثمان بعده المسلمين الصلاة عليهم ، ولا شيئا من أحكام الإسلام ، وقد أعلمت عائشة - رضي الله عنها - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما توفي اشرأب النفاق بالمدينة .

                                                                                                                                                [ ص: 200 ]

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية