الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                16598 ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال : حدثني الزهري قال : سمعت رجلا من عزينة يحدث سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثهم : أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس حين قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، وقد زنى منهم رجل بعد إحصانه [ ص: 247 ] ‌بامرأة من اليهود قد أحصنت ، فقال : انطلقوا بهذا الرجل وبهذه المرأة إلى محمد فسلوه كيف الحكم فيهما ؟ وولوه الحكم عليهما ؛ فإن عمل بعملكم فيهما من التجبية - وهو الجلد بحبل من ليف مطلي بقار ، ثم يسود وجوههما ، ثم يحملان على حمارين ، ويحول وجوههما من قبل إلى دبر الحمار فاتبعوه وصدقوه ، فإنما هو ملك ، وإن هو حكم فيهما بالرجم فاحذروا على ما في أيديكم أن يسلبكموه . فأتوه ، فقالوا : يا محمد ، هذا الرجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت ، فاحكم فيهما فقد وليناك الحكم فيهما . فمشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال : يا معشر يهود ، أخرجوا إلي أعلمكم " . فأخرجوا إليه عبد الله بن صوريا الأعور ، وقد روى بعض بني قريظة أنهم أخرجوا إليه يومئذ مع ابن صوريا أبا ياسر بن أخطب ، ووهب بن يهوذا فقالوا : هؤلاء علماؤنا . فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خطل أمرهم إلى أن قالوا لابن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة . فخلا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا ، فألظ به المسألة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له : " يا ابن صوريا ، أنشدك الله ، وأذكرك أيامه عند بني إسرائيل ؛ هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة ؟ " . فقال : اللهم نعم . أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك نبي مرسل ، ولكنهم يحسدونك . فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بهما فرجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار ، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا فأنزل الله عز وجل : { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } إلى قوله : { سماعون لقوم آخرين لم يأتوك } يعني الذين لم يأتوه ، وبعثوا وتخلفوا ، وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الحكم ، عن مواضعه ، قال : يحرفون الكلم عن مواضعه { يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه } للتجبية { وإن لم تؤتوه } أي : الرجم ، فاحذروا ، إلى آخر القصة .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية