الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            5774 - حدثنا علي بن حمشاذ العدل ، ثنا الحسين بن الفضل البجلي ، ومحمد بن غالب الضبي ، قالا : ثنا عفان بن مسلم ، ثنا حماد بن سلمة ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أسير بن جابر قال : لما أقبل أهل اليمن جعل عمر رضي الله عنه يستقري الرفاق فيقول : هل فيكم أحد من قرن ؟ حتى أتى عليه قرن فقال : من أنتم ؟ قالوا : قرن ، فرفع عمر بزمام أو زمام أويس فناوله عمر فعرفه بالنعت ، فقال له عمر : ما اسمك ؟ قال : أنا أويس ، قال : هل كان لك والدة ؟ قال : نعم ، قال : هل بك من البياض ؟ قال : نعم ، دعوت الله تعالى فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي ، فقال له عمر : استغفر لي ، قال : أنت أحق أن تستغفر لي ، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال عمر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " إن خير التابعين رجل يقال له أويس القرني ، وله والدة ، وكان به بياض فدعا ربه فأذهبه عنه ، إلا موضع الدرهم في سرته " قال : فاستغفر له ، قال : ثم دخل في أغمار الناس ، فلم يدر أين وقع ؟ قال : ثم قدم الكوفة ، فكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله ، وكان يجلس معنا فكان إذ ذكرهم وقع حديثه من قلوبنا موقعا لا يقع حديث غيره ، ففقدته يوما ، فقلت لجليس لنا : ما فعل الرجل الذي كان يقعد إلينا ؟ لعله اشتكى ، فقال رجل : من هو ؟ فقلت : من هو ؟ قال : ذاك أويس القرني ، فدللت على منزله ، فأتيته فقلت : يرحمك الله ، أين كنت ؟ ولم تركتنا ؟ فقال : لم يكن لي رداء فهو الذي منعني من إتيانكم ، قال : فألقيت إليه ردائي ، فقذفه إلي ، قال : فتخاليته ساعة ، ثم قال : لو أني أخذت رداءك هذا فلبسته فرآه علي قومي ، قالوا : انظروا إلى هذا المرائي لم يزل في الرجل حتى خدعه وأخذ رداءه ، فلم أزل به حتى أخذه ، فقلت : انطلق حتى أسمع ما يقولون ، فلبسه فخرجنا ، فمر بمجلس قومه ، فقالوا : انظروا إلى هذا المرائي لم يزل بالرجل حتى خدعه وأخذ رداءه ، فأقبلت عليهم ، فقلت : ألا تستحيون لم تؤذونه ؟ والله لقد عرضته عليه فأبى أن يقبله ، قال : فوفدت وفود من قبائل العرب إلى عمر فوفد فيهم سيد قومه ، فقال لهم عمر بن الخطاب : أفيكم أحد من قرن ؟ فقال له سيدهم : نعم ، [ ص: 499 ] أنا فقال له : هل تعرف رجلا من أهل قرن يقال له أويس من أمره كذا ومن أمره كذا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ما تذكر من شأن ذاك ومن ذاك ، فقال له عمر : ثكلتك أمك ، أدركه مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لنا : " إن رجلا يقال له أويس من قرن من أمره كذا ومن أمره كذا " فلما قدم الرجل لم يبدأ بأحد قبله فدخل عليه ، فقال : استغفر لي ، فقال : ما بدا لك ؟ قال : إن عمر ، قال لي : كذا وكذا ، قال : ما أنا بمستغفر لك حتى تجعل لي ثلاثا ، قال : وما هن ؟ قال : لا تؤذيني فيما بقي ، ولا تخبر بما قال لك عمر أحدا من الناس ، ونسي الثالثة .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية