الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أن أبا ماعز الأسلمي عبد الله بن سفيان أخبره أنه كان جالسا مع عبد الله بن عمر فجاءته امرأة تستفتيه فقالت إني أقبلت أريد أن أطوف بالبيت حتى إذا كنت بباب المسجد هرقت الدماء فرجعت حتى ذهب ذلك عني ثم أقبلت حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء فرجعت حتى ذهب ذلك عني ثم أقبلت حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء فقال عبد الله بن عمر إنما ذلك ركضة من الشيطان فاغتسلي ثم استثفري بثوب ثم طوفي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          833 823 - ( مالك عن أبي الزبير ) محمد بن مسلم ( المكي : أن أبا ماعز الأسلمي عبد الله بن سفيان ، أخبره أنه كان جالسا مع عبد الله بن عمر ، فجاءته امرأة تستفتيه ، فقالت : إني أقبلت أريد أن أطوف بالبيت حتى إذا كنت بباب ) ، وفي نسخة : عند باب ( المسجد هرقت ) - بفتحتين ، وبضم أوله ، وكسر ثانيه - وصوب الأول صببت ( الدماء ) بالنصب جمع دم ، ( فرجعت حتى ذهب ذلك عني ، ثم أقبلت حتى إذا كنت عند ) وفي نسخة : بباب ( المسجد هرقت الدماء ، فرجعت حتى ذهب ذلك عني ، ثم أقبلت حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء ) ثالث مرة ، ( فقال عبد الله بن عمر : إنما ذلك ) - بكسر الكاف - لأنثى ( ركضة ) - ضربة - قال الهروي : أي دفعة ، وحركة ( من الشيطان ) بأن يكون دفع العرق فسال منه الدم ، ليمنعها من الطواف ، ويوسوس إليها ببطلانه ، ويحتمل أنه مجاز نسب ذلك إليه ، لأنه يحبه لما يدخل على المرأة في ذلك من الإلباس .

                                                                                                          ( فاغتسلي ، ثم استثفري ) بإسكان المهملة ، وفتح الفوقية ، ومثلثة ساكنة ، وكسر الفاء - أي شدي فرجك ( بثوب ) ، أي بخرقة عريضة بعد أن تحتشى قطنا ، وتوثقي طرفي الخرقة في شيء تشديه على وسطك ، فيمنع بذلك سيل الدماء ، مأخوذ من [ ص: 468 ] ثفر الدابة - بفتح الفاء - الذي يجعل تحت ذنبها ، وقيل : من الثفر - بإسكان الفاء - وهو الفرج ، وإن كان أصله للسباع فاستعير لغيرها .

                                                                                                          ( ثم طوفي ) بالبيت ، قال سحنون في كتاب تفسير الغريب : سألت ابن نافع أذلك من المرأة بعدما تلومت أيام الحيض ، ثم شكت طول ذلك بها ومعاودته إياها ؟ قال : لا ، ولكن ذلك فيما نرى في يوم واحد ذهبت ، ثم رجعت وذهبت ، ثم رجعت ، ثم سألت ، فرآه ابن عمر من الشيطان .

                                                                                                          وقال غيره : يحتمل أنها ممن قعدت عن المحيض ، فلا يكون ذلك دم حيض ، وأمرها بالغسل احتياطا ، ويحتمل أنه رآها كالمستحاضة ، والحيض له غاية ينتهي إليها .

                                                                                                          وقال أبو عمر : أفتاها ابن عمر فتوى من علم أنه ليس بحيض ، وقد رواه جماعة من رواة الموطأ بلفظ : إن عجوزا استفتت . . . إلخ ، ودل جوابه أنها ممن لا تحيض ، لقوله : ركضة يريد الاستحاضة ، ولذا قال لها : طوفي ، وإنما يحل الطواف لمن تحل له الصلاة .

                                                                                                          وأما قوله : اغتسلي ، فعلى مذهبه من ندب الاغتسال للطواف ، لا أنه اغتسال للحيض ، ولا لازم ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية