الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يشق جلال بدنه ولا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          860 850 - ( مالك عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان لا يشق جلال بدنه ، ولا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة ) ، رواه البيهقي من طريق يحيى بن بكير عن مالك ، وقال : زاد فيه [ ص: 491 ] غيره عن مالك إلا موضع السنام ، وإذا نحرها نزع جلالها مخافة أن يفسدها الدم ، ثم يتصدق بها ، أي لئلا تسقط ، وليظهر الإشعار لئلا يستتر تحتها .

                                                                                                          ونقل عياض : أن التجليل يكون بعد الإشعار ، لئلا يتلطخ بالدم ، وإن شق الجلال من الأسنمة ، قلت : قيمتها ، فإن كانت نفيسة لم تشق .

                                                                                                          وروى ابن المنذر من طريق أسامة بن زيد ، عن نافع : أن ابن عمر كان يجلل بدنه الأنماط والبرود والحبر حتى يخرج من المدينة ، ثم ينزعها فيطويها حتى يكون يوم عرفة فيلبسها إياها ، حتى ينحرها ، ثم يتصدق بها ، قال نافع : وربما دفعها إلى بني شيبة .

                                                                                                          قال الحافظ : وفي هذا كله استحباب التقليد والتجليل والإشعار ؛ وذلك يقتضي أن إظهار التقرب بالهدي أفضل من إخفائه ، والمقرر إخفاء العمل الصالح غير الفرض أفضل من إظهاره ، فإما أن يقال : إن أفعال الحج مبنية على الظهور كالإحرام والطواف والوقوف ، فكان الإشعار والتقليد كذلك ، فيخص ذلك من عموم الإخفاء ، وأما أن يقال : لا يلزم من التقليد والإشعار وغيرهما إظهار العمل الصالح ؛ لأن الذي يهديها يمكنه أن يبعثها مع من يقلدها ويشعرها ، ولا يقول أنها لفلان ، فتحصل سنة التقليد مع كتمان العمل ، وأبعد من استدل بذلك على أن العمل إذا شرع فيه صار فرضا ، وإنما يقال : إن التقليد جعل علما لكونها هديا حتى لا يطمع صاحبها في الرجوع فيها ، انتهى . ولعل الجواب بالتخصيص أولى .




                                                                                                          الخدمات العلمية