الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1017 1000 - ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق ) أجرى بنفسه أو أمر أو أباح ( بين الخيل التي قد أضمرت ) بضم الهمزة مبنيا للمفعول بأن علفت حتى سمنت وقويت ثم قلل علفها بقدر القوت وأدخلت بيتا وغشيت بالجلال حتى حميت وعرقت فإذا جف عرقها خف لحمها وقويت على الجري ( من الحفياء ) ، بفتح المهملة وسكون الفاء فتحتية ومد ، مكان خارج المدينة ويجوز القصر ، وحكى الحازمي تقديم التحتية على الفاء وحكى ضم أوله وخطأه عياض وغيره .

                                                                                                          ( وكان أمدها ) بفتح الهمزة والميم ؛ أي : غايتها ( ثنية الوداع ) بالمثلثة وفتح الواو سميت بذلك لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون إليها ، قال سفيان : بين الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة ، وقال موسى بن عقبة : بينهما ستة أميال أو سبعة رواهما البخاري ، قال الحافظ : وهو اختلاف قريب ، وسفيان هو الثوري .

                                                                                                          ( وسابق بين الخيل التي لم تضمر ) بضم التاء وفتح الضاد المعجمة والميم الثقيلة ، وفي رواية بسكون الضاد وخفة الميم ( من الثنية ) المذكورة ( إلى مسجد بني زريق ) بضم الزاي ثم راء مفتوحة وسكون التحتية فقاف ، ابن عامر قبيلة من الأنصار ، وإضافة " مسجد " إليهم إضافة تمييز لا ملك ، قال سفيان : وبينهما ميل ، وقال ابن عقبة : ميل أو نحوه .

                                                                                                          ( وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها ) ؛ أي : بالخيل أو بهذه المسابقة ، وهذا من قول ابن عمر [ ص: 72 ] عن نفسه كما تقول عن نفسك : العبد فعل كذا .

                                                                                                          وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع قال ابن عمر : وكنت فيمن أجري .

                                                                                                          وعند الإسماعيلي قال ابن عمر : وكنت فيمن أجري فوثب بي فرس جدارا .

                                                                                                          ولمسلم من رواية أيوب عن نافع : فسبقت الناس فطفف بي الفرس مسجد بني زريق ؛ أي : جاوز بي المسجد الذي هو الغاية ، وأصل التطفيف مجاوزة الحد وفيه مشروعية المسابقة وأنه ليس من العبث بل من الرياضة المحمودة الموصلة إلى تحصيل المقاصد في الغزو والانتفاع بها عند الحاجة ، وهي دائرة بين الاستحباب والإباحة بحسب الباعث على ذلك .

                                                                                                          قال القرطبي : لا خلاف في جواز المسابقة على الخيل وغيرها من الدواب مجانا وعلى الأقدام ، وكذا الترامي بالسهام واستعمال الأسلحة لما في ذلك من التدريب على الحرب وفيه جواز إضمار الخيل ، ولا يخفى اختصاص استحبابها بالخيل المعدة للغزو ، ومشروعية الإعلام بالابتداء والانتهاء عند المسابقة ، ونسبة الفعل إلى الآمر به ; لأن قوله " سابق " ؛ أي : أمر أو أباح ؛ أي : شامل لذلك ، وجواز إضافة المسجد إلى مخصوصين وعليه الجمهور خلافا للنخعي لقوله تعالى : وأن المساجد لله ( سورة الجن : الآية : 18 ) ويرد عليه حديث الباب وجواز معاملة البهائم عند الحاجة بما يكون تعذيبا لها في غير الحاجة كالإجاعة والإجراء ، وتنزيل الخلق منازلهم لأنه - صلى الله عليه وسلم - غاير بين منزلة المضمر وغير المضمر ولو خلطهما لأتعب ما لم تضمر .

                                                                                                          وأخرجه البخاري في الصلاة عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى التميمي كلاهما عن مالك به ، وتابعه عبيد الله وموسى والليث بن عقبة وأيوب كلهم عن نافع في الصحيحين وغيرهما .




                                                                                                          الخدمات العلمية