الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم زوجت حفصة بنت عبد الرحمن المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال ومثلي يصنع هذا به ومثلي يفتات عليه فكلمت عائشة المنذر بن الزبير فقال المنذر فإن ذلك بيد عبد الرحمن فقال عبد الرحمن ما كنت لأرد أمرا قضيته فقرت حفصة عند المنذر ولم يكن ذلك طلاقا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1182 1162 - ( مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه : أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجت حفصة بنت عبد الرحمن ) بن الصديق ، من ثقات التابعيات ، روى لها مسلم والثلاثة ( المنذر [ ص: 261 ] بن الزبير ) بن العوام الأسدي أبا عثمان ، شقيق عبد الله ، روى عن أبيه وعنه ابنه محمد وحفيده فليح ، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين ، وذكر ابن عايذ أن حكيم بن حزام أثنى عليه ، وذكر مصعب الزبيري أن المنذر غاضب أخاه عبد الله ، فخرج من مكة إلى معاوية ، فأجازه بجائزة عظيمة وأقطعه أرضا بالبصرة . وذكر الزبير بن بكار أن المنذر كان عند عبيد الله بن زياد لما امتنع عبد الله بن الزبير من مبايعة يزيد بن معاوية ، فكتب يزيد إلى عبيد الله أن يوجه إليه المنذر ، فبلغه ، فهرب إلى مكة ، فقتل في الحصار الأول بعد وقعة الحرة سنة أربع وستين ( وعبد الرحمن غائب بالشام ، فلما قدم عبد الرحمن قال : ومثلي يصنع هذا به ، ومثلي يفتات عليه ) بتزويج بنته وهو غائب ( فكلمت عائشة المنذر بن الزبير ) أخبرته بقول أخيها ( فقال المنذر : فإن ذلك بيد عبد الرحمن ) والدها ( فقال عبد الرحمن : ما كنت لأرد أمرا قضيته ) بكسر التاء خطابا لأخته عائشة ، وفي نسخة صحيحة : قضيتيه ، بإثبات الياء لإشباع الكسرة ( فقرت حفصة عند المنذر ، ولم يكن ذلك طلاقا ) قال مالك في الموازية : إنما كان ذلك لمثل عائشة ، لمكانها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أي لأنه إنما يجوز إجازة المجبر تزويج ابنه أو أخيه أو جده إذا كان قد فوض له أموره وإلا لم يجز ، ولو أجازه الأب كما في المدونة ، وعائشة ليست واحدا من هؤلاء ولم يفوض لها أموره ، فالجواز في إجازة فعلها خصوصية ، قال ابن القاسم : وأظنها وكلت عند العقد ، لكنهم نصوا على أن ولي المرأة لا يوكل إلا مثله ، وعائشة لا يصح كونها وكيلا عن أخيها ، فكيف توكل ؟ إلا أن يقال : ما نصوا عليه إذا وكل الولي من يتولى العقد ، أما إذا وكل من يوكل من يتولى العقد ، فلا مانع أن يوكل امرأة مثلا ، وذكر الزبير بن بكار أن المنذر فارق حفصة فتزوجها الحسن بن علي ، فاحتال المنذر عليه حتى طلقها ، فأعادها المنذر .




                                                                                                          الخدمات العلمية